فأما مولدي فبمصر المحروسة، في ربيع الأول سنة ست وثمانين وستمائة، بمنزلنا بزقاق القناديل، وأما شيوخ الحديث الذين رويت عنهم سماعًا وحضورًا، فمن أقدمهم الشيخ شهاب الدين أبو الهيجاء غازي بن أبي الفضل بن عبد الوهاب المعروف بالرادف، والشيخ عز الدين أبو نصر عبد العزيز بن أبي الفرج الحصري البغدادي، والشيخ شهاب الدين أحمد بن أبي محمد إسحق الأبرقوهي. وأما ذوو الإجازة في مصر وغيرها من الأمصار فكثير، وأما الفضلاء والأدباء الذين رويت عنهم ورأيت منهم، فمنهم القاضي الفاضل، محيي الدين أبو محمد عبد الله ابن الشيخ رشيد الدين عبد الظاهر بن نشوان الكاتب المصري، والشيخ الإمام بهاء الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن النحاس الحلبي النحوي، والأمير الفاضل، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الصاحب شرف الدين بن إسماعيل بن المتنبي اقترح عليّ أن أنظم له في زيادة النيل، فقلت:
زادت أصابع نيلنا ... وطمت فأكمدت الأعادي1
وأتت بكل جميلة ... ما ذي أصابع ذي أيادي
والشيخ العالم علم الدين قيس بن سلطان المصري من أهل منية ابن خصيب، قرأت عليه كثيرًا من الكتب الأدبية، وكان كثيرًا ما يستنشدني إلى أن أنشدته قولي:
يا غائبين تعللنا لغيبتهم ... بطيت عيش ولا والله لم يطب
ذكرت والكأس في كفي لياليكم ... فالكأس في راحة والقلب في تعب2
فقال: أتعب والله جزعك القدح.
والشيخ العالم شهاب الدين أحمد بن محمد المعروف بابن المفسر أنشدني لنفسه:
لا أرى لي في حياتي راحة ... ذهبت لذة عيشي بالكبر
بقي الموت لمثلي سترة ... يا إلهي أنت أولى من ستر
فأنشدته لي:
بقلت وجنة المليح وقد ولى ... زمان الصبا الذي كنت أملك3
يا عذار الحبيب دعني فإني ... لست في ذا الزمان من خل بقلك