مائي، ولكن تعرب في رفعها وخفضها عن النسر والحوت، وتتشامخ كالجبال وهي خشب مسندة، من تبطنها عد من المصبرين في التابوت، تأتي بالطباق ولكن بالمقلوب، لأن بياضها سواد، وتمشي مع الماء، وتطير مع الهواء، وصلاحها عين الفساد، إن نقر الموج على دفوقها لعبت أنامل قلوعها بالعود، وترقصنا على آلتها الحدباء، فتقوم قيامتنا من هذا الرقص الخارج ونحن قعود، وتتشامم1 وهي كما قيل أنف من السماء وإست2 في الماء، وكم تطيل الشكوى إلى قامة صاريها3 عند الميل، وهي الصعدة الصماء، فيها الهدى وليس لها عقل ولا دين، وتتصابى إذا هبت الصبا، وهي ابنة مائة وثمانين، وتوقف أحوال القوم وهي تجري بهم في موج كالجبال، وتدعي براءة الذمة وكم أغرقت لهم من أموال، هذا وكم ضعف نحيل خصرها عن تثاقل أرداف الأمواج، وكم وجلت القلوب لما صار لأهداب مجاذيفها على مقلة البحر اختلاج4 وكم أسبلت على وجنة البحر طرة قلعها، فبالغ الريح في تشويشها، وكم مر على قريتها العامرة فتركها وهي خاوية على عروشها5، تتعاظم فتهزل إلى أن ترى ضلوعها من السقم تعد، ولقد رأيتها بعد ذلك التعاظم وقد تبت وهي حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد6.

وأما البراعة التي لخطبة كتابي المسمى "بمجرى السوابق في وصف الخيول المسومة" فإنها أحرزت قصبات السبق، وهي: الحمد الله الذي يقف عند سابق فضله كل جواد ويقصر في حلبة هذا الكرم الذي ليس له غاية في بديع الاستطراد، فمن ألهمه الحزم وأرشده إلى حد المعرفة، حاز قصبات السبق ولا نقول كاد، نحمده على أن جعل لنا الخير معقودًا بنواصي الخيل، ونشكره شكرًا نعلو به على أشهب الصبح ونمتطي أدهم7 الليل، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نرجو أن نكون منها في ميادين الرحمة من السابقين، ونشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله قائد الغر المحجلين.

وقد آن أن نقطع طول هذا البحث برسالة السكين، فإن استهلالها يسن ما كل8

طور بواسطة نورين ميديا © 2015