وزاد الشيخ زكي الدين بن أبي الأصبع هذا النوع، أعني عكس الألفاظ، صنفا معنويًّا، وهو أن يأتي الشاعر إلى معنى لنفسه، أو لغيره، فيعكسه، فمثال ما عكس الشاعر من المعاني لغيره.
قال الأول:
قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل1
قال الثاني الذي عكس الأول:
وربما فات بعض الناس أمرهم ... مع التأني وكان الحزم لو عجلوا
وقد تقدم قول الناس في المثل السائر: ما في السويدا رجال، فعكست هذا المعنى على أصحابه وقلت:
في سويدا مقيلة الحب نادى ... جفنه وهو يقنص الأسد صيدا2
لا تقولوا ما في السويدا رجال ... فأنا اليوم من رجال السويدا
ومن القسم الثاني، وهو عكس الشاعر معنى نفسه، قول بعضهم:
وإذا الدر زان حسن وجوه ... كان للدر حسن وجهك زينا
ومثله قول الشاعر، وتلطف ما شاء:
هذا قد غدا من ثياب الشعر في كفن ... وقد تعفت معاني وجهه الحسن3
وكان يعرض عني حين أبصره ... فصرت أعرض عنه حين يبصرني
وأظرف منه قول الشيخ جمال الدين بن نباتة:
وصديق قوي يدي بنوال ... وأراه من بعد حاول وهني4
كان مثل البستان آخذ منه ... صار مثل الحمام يأخذ مني
انتهى ما أوردته فى هذا الباب، من عكس الألفاظ والمعاني، وبيت الشيخ صفي الدين الحلي، فى بديعيته، شاهد فى هذا الباب على عكس الألفاظ، وهو قوله عن النبي -صلى الله عليه وسلم: