أبدى العجائب فالأعمى بنفثته ... غدا بصيرًا وفي الحرب البصير عمي1
الشيخ صفي الدين أتى في هذا الباب بالغرض، من نظم النوع المذكور، ولكن لم يخل بيته من بعض عقادة، هذا مع عدم تكلفه بتسمية النوع على الشرط المقرر.
وبيت العميان:
فاتبع رجال السرى في البيد واسر له ... سرى الرجال ذوي الألباب والهمم2
بيت العميان لم يخلص من العكس هنا، إذ ليس فيه نكتة تلم له مع البديع شملًا، وليس فيه غير رجال السرى وسرى الرجال.
وبيت الشيخ عز الدين الموصلي، في بديعته:
خير المقال مقال الخير فاصغ ودع ... عكس الصواب مع التبديل تستقم
الشيخ عز الدين أتى، في هذا النوع، بالمقصود من نظم النوع البديعي وتسميته على الشرط المقرر، ولكنه أجنبي من مديح النبي صلى الله عليه وسلم وليس له أدنى تعلق ببيت المديح الذي قبله، وهو:
تمت محاسنه والله كمله ... فقدره في الورى في غاية العظم
أعجب من هذا أنه قال بعد هذا البيت، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
له الجميل من الرب الجميل على الـ ... ـوجه الجميل بترديد من النعم
وغالب مديحه النبوي في هذه القصيدة على هذا النمط، فإنها ما انسجمت معه إلا في مواضع قليلة والظاهر أن ثقل تسمية النوع على الشرط المعلوم، كلما أثقل كاهله فرَّ إلى جهة يستند إلى ركنها، وبيت العميان كاد أن يكون أجنبيًّا من المديح، ولكن اتكلوا على عود الضمير على الممدوح وهو النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وبيت بديعيتي، وهو قولي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
عين الكمال كمال العين رؤيته ... يا عكس طرف من الكفار عنه عمي
أقول: إنه في سهولته واسنجامه وحسن تركيبه، وبديع تسميته وتمكين قافيته، بيت عامر بالمحاسن والله أعلم.