ذكر التمثيل:

وقلت ردفك موج كي أمثله ... بالموج قال قد استسمنت ذا ورم

التمثيل، ما فرعه قدامة، من ائتلاف اللفظ مع المعنى، وقال: هو أن يريد المتكلم معنى فلا يدل عليه بلفظه الموضوع له، ولا بلفظ قريب من لفظه، وإنما يأتي بلفظ هو أبعد من لفظ الإرداف، يصلح أن يكونه مثالًا للفظ المعنى المذكور، كقوله تعالى: {وَقُضِيَ الْأَمْرُ} 1 وهذا التمثيل العظيم في غاية الإيجاز، والحقيقة، أي هلك من قضي هلاكه، ونجا من قدرت نجاته، وما عدل عن اللفظ الخاص، إلى لفظ التمثيل، إلا لأمرين: أحدهما الاختصار لبلاغة الإيجاز، والثاني كون الهلاك والنجاة كانا بأمر مطاع، ولا يحصل ذلك من اللفظ الخاص.

ومن شواهد ذلك في السنة الشريفة، قول النبي -صلى الله عليه وسلم- حكاية عن بعض النسوة، في حديث أم زرع: "زوجي كليل تهامة، لا حر ولا برد ولا مخافة ولا سآمة" فإنها أرادت وصفه بحسن العشرة مع نسائه. فعدلت عن اللفظ الموضوع له إلى لفظ التمثيل لما فيه من الزيادة، وذلك تمثيلها الممدوح بليل تهامة المجمع على وصفه بأنه معتدل، فتضمن ذلك وصف الممدوح باعتدال المزاج المستلزم حسن العشرة، وكمال العقل الذين ينتجان لين الجانب وطيب المعاشرة، وخصت الليل بالذكر لما في الليل من راحة الحيوان، وخصوصًا الإنسان لأنه يستريح فيه من الكد والفكر، ولكون الليل جعل سكنًا والسكن محل الاجتماع بالحبيب، لا سيما وقد جعلته معتدلًا بين الحر والبرد، والطول والقصر، وهذه صفة ليل تهامة لأن الليل يبرد فيه الجو مطلقًا بالنسبة إلى النهار لغيبة الشمس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015