قال ابن أبي الأصبع لم أقف لهذا النوع على شاهد شعري فقلت:
اصبر على خلق من تصاحبه ... واصحب صبورًا على أذى خلقك
أصحاب البديعيات نظموا القسم الثاني، الذي قرره ابن المعتز، وهو ما وافق آخر كلمة من البيت أول كلمة فيه، وهو الذي وقع الاتفاق على أنه الأحسن. وبيت الشيخ صفي الدين رحمه الله:
فمي تحدث عن سري فما ظهرت ... سرائر القلب إلا من حديث فمي
هذا النوع، أعني التصدير، ما برحت السهولة نازلة بأكناف أذياله، فإنه سهل المأخذ ويتعين على الأديب المعنوي أن لا يتركه ساذاجًا من نكتة أدبية يزداد بها بهجة، فإن الشيخ صفي الدين مع عدم تكلفه بتسمية النوع، وسبكه في قلب التورية من جنس الغزل، لم يأت به إلا ساذجًا. وبيت العميان في بديعيتهم:
وحقهم ما نسينا عهد حبهم ... ولا طلبنا سواهم لا وحقهم1
لعمري إن بيت الشيخ عز الدين، في هذا النوع، أعمر من بيت الصفي ومن بيت العميان، فإنه مع التصريح بتورية التسمية، حلى نوع التصدير بمكررها في طرفي بيته وهو:
فَهِم بصدر جمال عجز عاشقه ... عن وصله ظاهر عن باحث فهِمِ2
وبيت بديعيتي:
ألم أصرح بتصدير المديح لهم ... ألم أهدد ألم أصبر ألم ألم
ديباجة التورية في عجز هذا البيت وصدره لا تخفى على صاحب الذوق السليم، ولو استقل هذا البيت بنظم نوع التصدير مجردًا، لم يكن تحته كبير أمر كبيت الحلي وبيت العميان.