والأكثر أن تكون الكلمة التي في العجز عين الكلمة التي في الصدر لفظًا، وإن قبل اللفظ اشتراكًا زاد النوع حسنًا. مثاله:

ذوائب سود كالعناقيد أرسلت ... فمن أجلها منا النفوس ذوائب1

والقسم الثالث: ما وافق آخر كلمة في البيت بعض كلام في أي موضع كان، كقول الشاعر:

سقى الرمل صوب مستهل غمامه ... وما ذاك إلا حُب من حل بالرمل2

هكذا عرف ابن المعتز هذ القسم الثالث من التصدير. لكن قال ابن أبي الأصبع: إن هذا التعريف مدخول، وصدق فإن ابن المعتز قال في أي موضع كان، والكلمة إذا كانت في العجز لم تسم تصديرًا لأن اشتقاق التصدير من صدر البيت، فلا بد من زيادة قيد في التعريف يسلم به المدخل، بحيث يقول: بعض كلمات البيت في أي موضع كانت من صدره. قال ابن أبي الأصبع أيضًا: الذي يحسن أن يسمى به القسم الأول تصدير التفقيه والثاني تصدير الطرفين، والثالث تصدير الحشو، وقد وقع من القسم الأول، في الكتاب العزيز، قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} 3 ومن القسم الثاني، قوله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} 4 ومن القسم الثالث، قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} 5

قال ابن أبي الأصبع: وفي التصدير قسم رابع ذهب عنه ابن المعتز، وهو أن يأتي، فيما الكلام فيه منفي واعتراض، فيه إضراب عن أوله، كقول الشاعر:

فإن تك لم تبعد على متعهد ... بلى كل من تحت التراب بعيد6

وقد جاء قدامة من التصدير بنوع آخر، كما ذكرناه وسماه التبديل: وهو أن يصير المتكلم الأخير من كلامه أوَّلًا، أو بالعكس، كقولهم: أشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015