أمري في وجوه الأعداء المكسوفة مكشوفة، فأستغفر الله مما فرط في مقالك، والتقويض من عوائد احتمالك، فلا تشمت بنا الأضداد ولا تسلط بفرقتنا المفسدين في الأرض إن الله لا يحب الفساد، واغضض الآن من خيلائك بعض هذا الغض، ولا تشك أني قسيمك ولو قيل لك: يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض، وإن أبيت إلا أن تهدد وتجرد الشغب وتحدد، فاذكر محلنا من اليد الشريفة السلطانية الملكية المؤيدية، أيد الله نعمها وجازى بالإحسان شيمها، وأيقظ في الآجال والآمال سيفها وقلمها، ولا عطل مشاهد المدح من أنسها، ولا أخلى قرائض الباس والكرم من قيام خمسها، فأقسم من بأسه بالليل وما وسق، ومن بشر طلعته بالقمر إذا اتسق1 لو تجاور الأسد والظباء بتلك اليد لوردا بالأمن في منهل، ورتعا في روض لا يجهل، ولو لجأ إليها النهار لما راعه بمشيئة الله الليل بزجر، أو الليل لما غلب على خيطه الأسود الخيط الأبيض من الفجر، وعلى ذلك فما ينبغي لنا بين تلك الأنامل غير سلوك الأدب، والمعاضدة على محو الأزمات والنوب، والاستقامة على الحق ولا عوج، والحديث من تلك الراحة عن البحر ولا حرج، هذه نصيحتي إليك والدين النصيحة، والله تعالى يطلعك على معاني الرشد الصريحة، ويجعل بينك وبين الغي2 حجابًا مستورًا، وينسيك ما تقدم من القول وكان ذلك في الكتاب مسطورًا.

فعند ذلك. نكس السيف طرفه، وقبل خديعة القلم قائلًا لأمر ما جدع قصير أنفه، وأمسك عن المشاغبة خيفة الزلل، فإن السيوف معروفة بالخلل، ثم قال: أيها الضعيف الجبار، البازع في ليل المداد نجمًا وكم في النجوم غرار، لقد تظلمت من أمر أنت البادي بظلمه، وتسورت إلى فتح باب أنت السابق إلى فتح ختمه، وقد فهمت الآن ما ذكرت من أمر اليد الشريفة ونعم ما ذكرت، وأحسن بما أشرت، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره، وقد تغفلت عن قولك الأحسن، ورددتك إلى أمك الدواة كي تقر عينها ولا تحزن، وسألت الله تعالى أن يزيد محاسن تلك اليد العالية تمامًا على الذي أحسن فإنها اليد التي:

لو أثر التقبيل في يد منعم ... لمحا براجم كفها التقبيل3

والراحة التي:

تسعى القلوب لغوثها ولغيثها ... فيجيبه التأمين والتأميل4

طور بواسطة نورين ميديا © 2015