رجع إلى خداعه وتنحى عن طريق قِراعه1، وعلم أن الدهر دهره، والقدر على حكم الوقت قدره، وأنه أحق بقول القائل:

لحنها معرب وأعجب من ذا ... أن إعراب غيرها ملحون2

فالتفت إليه وقال: أيها المتلهب في قدحه3، والخارج عما نسب إليه من صفحه، ما هذه الزيادة في السباب، والتطفيف في كيل الجواب، وأين علم الشيوخ عند جهل الشباب، أما كان الأحسن بك أن تترك هذا الرفث4، وتعلم5 أخاك على الشعث6 وتحلم كما زعمت أنك السيد، وتزكو على الغيظ كما يزكو على النار الجيد، أما تعلم أني معينك في تشييد الممالك، ورفيقك فيما تسلكه لنفعها من المسالك، أما أنا وأنت للملك كاليدين، وفي تشييده كالركنين الأشدين؛ وما أراك عبتني في الأكثر إلا بتحول جسدي الذي ليس خلقه علي، وضعفه الذي ليس أمره إلي، على أن أشهى الخصور أنحفها7، وأقوى الجفون أضعفها، وأزكى النسيمات أعلها وأدنفها8، وهذه سادات العرب تعد ذلك من فضلها الأظهر وحسنها الأشهر، ولو أنك تقول بالفصاحة وتقف في هذه الساحة، لأسمعتك في ذلك من أشعارهم وأتحفتك بما يفخرون به من آثارهم، وكذلك عيبك سواد خلقتي التي:

أكسبها الحب حلية صبغت ... صبغة حب القلوب والحدق9

فيا لله ويا للحجر الأسود من هذه الحجة البائرة، والكرة الخاسرة، وعلى هذه النسبة ما عبتني به من فقر الأنبياء وذل الحكماء، على أن إطلاقات معروفي معروفة، وسطوات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015