ودامت يد النعمى على الملك الذي ... تدانت به الدنيا وعز به الحمى

مليكان هذا قد هوى لضريحه ... برغمي وهذا للأسرة قد سما

وروضة أصل شاذويّ تكافأت ... فغصن ذوي منها وآخر قد نما1

فقدنا لأعناق البرية مالكًا ... وسمنا لأنواع الجميل متمما2

كأن ديار الملك غاب إذا انقضى ... به ضيغم أنشأ به الدهر ضيغما3

كأن عماد الدين غير مقوض ... وقد قمت يا أزكى الأنام وأحزما

فإن يك من أيوب نجم قد انقضى ... فقد أطلعت أوصافك الغر أنجما

وإن تك أيام المؤيد قد مضت ... فقد جددت علياك وقتا وموسما

هو الغيث ولى بالثناء مشيعا ... وأبقاك بحرًا بالمواهب منعما

وكانت وفاة الملك المؤيد في شهر المحرم، فقال ولم يخرج عما نحن فيه:

بك انبسطت فينا التهاني وأنشأت ... ربيع الهنا حتى نسينا المحرما

والجمع بين التهنئة والتعزية، في نوع الافتتان، أصعب مسلكًا من الجمع بين النسب والحماسة، لشدة التناقض بينهما. ومن أظرف ما رأيت في هذا النوع: أن ابن حجاج جمع في الافتتان بين التعزية والمدح المؤدي إلى التهكم، بقوله في تعزية بعض الرؤساء بأبيه، في بيت واحد وهو:

أبوك قد جمل أهل الثرى ... فجمل الله به المقبره

وأما الغزل المخمس فكثير في نظم الفحول وغيرهم، وما أحلى قول مهيار الديلمي، في بيت واحد:

وأتعب من حاولت يا قلب وصله ... حبيب سنان السمهري رقيبه4

وممن أتحف الأذواق بحلاوة هذا النوع، وجمع فيه بين النسيب والحماسة القاضي الأرجاني رحمه الله تعالى، في قوله:

نزل الأحبة ساحة الأعداء ... فغدا لقاء منهم بلقاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015