المشتركة، وهذا مذهب ابن ماكل. وعلى كل تقدير، فالطريقتان راجعتان إلى مقصود واحد، وهو استعمال المعنيين، بضمير وغير ضمير، وأعظم الشواهد على طريقة ابن مالك ومن تبعه قوله تعالى: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ، يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} 1 فإن لفظة كتاب يحتمل أن يراد بها الأجل المحتوم والكتاب المكتوب، وقد توسطت بين لفظتي أجل ويمحو فاستخدمت أحد مفهوميها وهو الأمد، بقرينة ذكر الأجل، واستخدمت المفهوم الآخر وهو الكتاب المكتوب، بقرينة يمحو، ومنه قوله2، من القصيدة النباتية:
حويت ريقًا نباتيًّا حلا فغدا ... ينظم الدر عقدًا من ثناياك
فإن لفظة نباتي تحتمل الاشتراك بالنسبة إلى السكر وإلى ابن نباتة الشاعر، وقد توسطت بين الريق وحلاوته، وبين الدر والنظم والعقد، فاستخدمت أحد مفهوميها وهو السكر النباتي، بذكر الريق والحلاوة، واستخدم المفهوم الآخر، وهو قول الشاعر النباتي يذكر النظم والدر والعقد وليس في جانب من المفهومين إشكال. وأما شاهد الضمائر، على طريق صاحب الإيضاح، فجميع كتب المؤلفين لم يستشهدوا فيها على عود الضمير الواحد إلا بقول القائل:
إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا
فلفظة السماء يراد بها المطر، وهو أحد المعنيين، والضمير في رعيناه يراد به المعنى الآخر، وهو النبات. وأما شاهد الضميرين، فإنهم لم يخرجوا به عن قول البحتري وهو:
فسقى الغضى والساكنيه وإن هم ... شبوه بين جوانحي وضلوعي3
فإن لفظة الغضى محتملة الموضع والشجر، والسقيا صالحة لكل منهما، فلما قال: والساكنيه استعمل أحد معنيي اللفظة، وهو الموضع بدلالة القرينة عليه، ولما قال شبوه استعمل المعنى الآخر وهو الشجر بدلالة القرينة عليه. انتهى.
والشيخ صفي الدين رحمه الله لم يستطرد، في شرح بديعيته، إلى غاية ذلك ولكن رأيته، في شرحه، قد أورد على بيت البحتري نقدًا حسنًا ليس فيه تحمل4 ولا إشكال،