واستخدموا العين مني وهي جارية ... وقد سمحت بها أيام عسرهم
الاستخدام هو استفعال من الخدمة، وأما في الاصطلاح فقد اختلفت العبارات في ذلك على طريقين: الأولى طريقة صاحب الإيضاح ومن تبعه، ومشى عليها كثير من الناس، وهي أن الاستخدام إطلاق لفظ مشترك بين معنيين، فتريد بذلك اللفظ أحد المعنيين، ثم تعيد عليه ضميرًا تريد به المعنى الآخر، أو تعيد عليه، إن شئت، ضميرين تريد بأحدهما أحد المعنيين وبالآخر المعنى الآخر، وعلى هذه الطريقة مشى أصحاب البديعيات والشيخ صفي الدين الحلي والعميان والشيخ عز الدين، وهلم جرا. الثانية: طريقة الشيخ بدر الدين بن مالك رحمه الله تعالى، في المصباح، وهي أن الاستخدام إطلاق لفظ مشترك بين معنيين، ثم يأتي لفظ يفهم من أحدهما أحد المعنيين، ومن الآخر المعنى الآخر، ثم إن اللفظين قد يكونان متأخرين عن اللفظ المشترك، وقد يكونان متقدمين، وقد يكون اللفظ المشترك متوسطا بينهما، والطريقتان راجعتان إلى مقصود واحد وهو استعمال المعنيين، وهذا هو الفرق بين التورية والاستخدام، فإن المراد من التورية هو أحد المعنيين، وفي الاستخدام كل من المعنيين مراد.
ونقل الشيخ صلاح الدين الصفدي، في كتابه المسمى "بفض الختام عن التورية والاستخدام"، ما يؤكد هذا، فإنه قال: المشترك، إذا لزم استعماله في مفهوميه معًا، فهو الاستخدام، وإن لزم في أحد مفهوميه في الظاهر، مع لمح الآخر في الباطن، فهو التورية.
ومنهم من قال: الاستخدام عبارة عن أن يأتي المتكلم بلفظة مشتركة بين معنيين اشتراكًا أصليًّا، متوسطة بين قرينتين تستخدم كل قرينة منهما معنى من معنيي تلك اللفظة.