طالعتك أعزّك الله بما نلته من المضرة، ولقيته من عدم المسرة، لتعلم ما به دهيت، وعن أي قوس دناءة رميت، ولتدري أن كتابك لم ينفع، وأن خطابك لم ينجع، وأن الكلبين لم يكفهما أن منعاني لقاهما، حتى حجباني عن سواهما:
وإن امْرأ ضنّتْ يداه على امرئ ... بنيل يد من ماله لبخيل
أسأل الله أن يكفلنا برزقه، ولا يحوجنا الى أحد من خلقه، وأن يجعل سعيك مشكوراً، وفضلك مأثوراً، وأن يبقي عليك وارف نعمه، وجزيل كرمه، والسلم.
وصفه في الأدب بالغزارة، وفي النظم والنثر بالمهارة، أورد له من رسالة الى المقتدر في ذم قوم: استبدلوا بالخير شراً، واعتاضوا من العرف نكراً، واختاروا بالعلم جهلاً، وآثروا على الحياة قتلاً، ولم تزل تعاملهم بطول التؤدة، وتفسح لهم في مجال التوبة، وتتوكف بهم غفران الحوبة، وتبسط لهم وفيهم بالغ المقدرة، وتترفق بهم ترفق من لا يزال سيبه يسبق سيفه، ورجاؤه يغلب خوفه، ورحمته تفثأ عذابه، وأناته تدرأ عقابه، حتى جرّهم السّفه، واستولى عليهم العَمَهْ. وسول لهم الشيطان، واستدرجهم وأوبقهم العصيان، وأزعجهم فبذروا الوقائع حتّمه عليهم خلع الطاعة والى مصارع حكم بهم فيه فراق الجماعة.
ومنها:
فما كان بين مُناهُم وتمنّيهمإلا ريثما اشتملت عليهم الحرب، واستوعبهم الطعن والضرب، وتحكمت فيهم الرماح والسيوف، وتراءت