يذلّك إذ يُحترم، ولا يُكَلّم إلا حين يبتسم، وذاك شأن اللئيم إذا أكرم، وعادة المتأخر إذا قُدّم، ولطالما عشش الفار في سرجه، وتخالفت الرقاع في خرجه، فواحدة من بدنه سليخة، وأخرى من جلده بطيخة. والوزير أبو المظفر، إذا لبس الفرو الأحمر، وتبرج في مشيته وتبختر، قد أسبل أكمامه، ورتب حشمه أمامه، قابضين على العصي والسّكاكين، لابسين السلاهم والبرانس، لا يكلم الناس إلا إيماء. ولا يسلم عليهم نخوة وازدهاء:
مغائظ ليس لها حيلة ... إلا انتظار الحين والوقت
قل لابن ذي النون الرئيس الذي ... ليس له شيء من البخت
يا مالكاً يجعل قواده ... قوماً غدوا عليه باللفت
جاءوا الى الشرق جياعاً فما ... يشبعهم شيء من السّحت
من كل حرّاث له لحية ... تدهن بالشحم وبالزيت
إن صار في حصن رأى أنه ... قد أدخل العالم في تخت
يحسد فرعون على قوله ... وهذه الأنهار من تحتي
لا جبر الله بني جابر ... وزادهم مقتاً الى مقت
وابن طريف لا رنا طرفه ... في جسمه إلا الى بَرْتِ
إن تأته في حاجة يعتذر ... عذر يهود غدوة السبت
ما هذه الأشباح تبّاً لها ... قد ملئت بالسفه البحت
هيهات لا حر ولا حرّة ... في باب إقليش الى البونت