أكرم به من قائد ماجد ... يصلح للحرث ورعي العجول
لا بدّ لي إن عشت والله أن ... أخرى على لحيته أو أبول
فجعلت عند ذلك أعض أنامل المغبون، وأقول لله درّ ابن ذي النّون، فلقد تخير للمعاقل، كل جواد عاقل، وأكثر ما ظهر حسن الاختيار في البيرشة والمنار، وكم سواهما من حصن حصين، فوض أمره الى غير أمين، فجاء من ذلك ما قد ظهر، وتولد منه ما قد عرف واشتهر، والله لقد جُبْتُ البلاد، وبلوت العباد، فلا شك عندي ولا مرية، أن أرذل الناس أهل شنت برية، الأوغاد الحثالة، معادن الخساسة والنّذالة، أخلاق اللوم، وروايح الثوم، أحلام البغال، وأقْفاء النِّعال. قوم شغلتم الوراعة والطماعة، عن التحلي بالجود والشجاعة، ناموا عن المكارم، وتجنّبوا أخلاق الأكارم، شرق الشرق بدهمائهم، وفسد بآرائهم، فليس لحمد إليهم سبيل، ولا لمجد عليهم دليل، لا أستثني منهم في كل الأمور إلا أنت، والفاضل أبا مخفور فكلاكما شريف جواد، هاد الى سبيل الرشاد، إن رأى زللاً غضى، أو همّ بمكرمة أمضى، لا يتعرض للسباب، ولا يقف قصاده بالباب:
فأقسم بالبيت الذي طاف حوله ... رجال كرام من قريش وجرهم
يميناً لنعم السّيدان وجدتما ... على كل حال من مخيل ومبرم
فأما الوزير أبو الحجاج، فقد تقعدد في مرتبة الحَجّاج، لا ينقصه من الخلافة إلا التاج، يختال اختيال ذي رعين، ويتوهم أنه ولي الحرمين،