ولما انتقل المستنجد إلى روض الرضوان، وغرف الغفران، أخذ غلطاً وحبس شططاً ولقي من الرعاع سُطاً، حتى استقر الوزير عضد الدين، بن المظفر في دسته، فسأل عنه في وقته، فأخبر بحديث حادثته، فأبدى الغفلة عن عقلته، وأعاده إلى شغله محترماً، وولاه ممكناً مكرماً. فأصحى جوًّه بعد الغيم، وصحا دهره من سكرة الغم، وصحَّ حظه غب السقم، وأصحب زمانه بعد جموح خطبه الملم.
وآخر العهد بكتابه إلي في سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة.
وقد أوردت من شعره قصيدة، سمعته ينشدها الوزير عون الدين ابن هبيرة - وأنا حاضر - وكتبها لي بخطه. وهي:
ولمّا بدا رَبْعُ الأًَحِبَّة بالِلوَى ... وقد جَدَّ جَدُّ الرَّكْبِ قلت لهم قِفُوا
قِفُوا نُرِحِ الأَنضاءَ أُبدي تعطّفاً ... عليها وما مِنِّي عليها تعطُّفُ
وإِنَّ بوُدِّي لو تُعرقَبُ سُوقُها ... لتمكُثَ حيناً بالِلوَى وتُحذَّفُ