أبو العباس محمد بن القاسم الملقب ب
زين الإسلام الحريري
لقيته بالمشان، كبير الشان، في شهور سنة ست وخمسين وخمس مئة، وسمعت عليه من مقامات والده أربعين مقامة. وهو لها متقن، ولشرحها مبين. وفيه فصاحة ولسن، وفضل حسن.
وكنت نائب الوزير عون الدين في الصدريات، وقد توجه على - أعني ابن الحريري - أداء شيء من الخراجات. ولقد كان شديد الانقباض، كثير الاعتراض. فاحتلت عليه، بأن نفذت المطالب بالخراج إليه. فلما حضر عندي أعفيته من الخراج، وتقدمت لأملاكه وأسبابه بالإفراج، وقلت له: كان الغرض وصولك وحصولك، وقد أجيب سؤالك وما خيب سؤلك. ولو أطلت الإقامة، خصصتني بالكرامة، وخلصت من الملامة. فشرح صدراً، وشرح مني صدراً حتى مرضت وأشفيت، فعدت إلى بغداد وشفيت.
لكنه مرض بعدي واشتدت حماه، واستباح الموت حماه، رحمه الله، وذلك في سنة ست وخمسين وخمس مئة.