رَأَتْ منه عيني منظرين كما رأَتْ ... من الشمس والبدرِ المنير على الأَرْضِ

عشيَّةَ حيّاني بوردٍ كأَنّهُ ... خدودٌ أضيفَتْ بعضُهُنَّ إلى بعض

وناولني كأساً كأن مِزَأجَهَا ... دُمُوعِيَ لما صدَّ عن مقلتي غُمْضي

وراحَ وفعل الراحِ في حركاته ... كفعلِ نسيمِ الريح في الغُصُنِ الغَضِّ

وله في غلام مريض:

وقالوا براه السُّقْمُ فاعتلَّ جسمُهُ ... عساه يَرَى في الصبر عن حِبِّه عُذْرا

إذا كنتُ أَهْوَى خَصْرَهُ لنحوله ... أَاَسْلُوه لمَّا صار أَجْمَعُهُ خَصْرا

ولأبي طاهر في ورقٍ كاغدٍ أهدي إليه:

أَهْدَيْتَ لي ورقاً أَرَقَّ ... من الشراب المُسْتَحيلِ

خَلَقاً تُمَزِّقُهُ الخطو ... طُ كأَنَّه عِرْضُ البخيلِ

لا بالصبيغِ ولا الصَّقيلِ ... ولا العريضِ ولا الطويلِ

إلا بياضاً خِلْتُهُ ... وَضَحَاً على جسمٍ نَحِيلِ

وقال أبو طاهر:

قلتُ إذ عَقْرَبَ الدلا ... لُ على خَدِّه الشَّعَرْ

هذه آيةٌ بها ... ظَهَرَ الحُسْنُ واشتهر

ما رُئِي قطُّ قبلَ ذا ... عقربٌ حَلَّتِ القمر

هذا معنى مليح ولكنه سرقه من بيتين أنشدهما رجل للإمام أبي حامد الغزالي رحمه الله:

حَلَّتْ عقاربُ صدغه في خدِّهِ ... قمراً يَجِلُّ به عن التشبيهِ

ولقد عهدناهُ يَحُلُّ ببرجها ... فمن العجائب كيف حَلَّتْ فيه

وله، نقلت من جنان الجنان لابن الزبير:

مالي وهذا البدرُ عندي ليلُهُ ... الدَّاجِي الطويلُ وعندَكُمْ أَقْمَارُهُ

يَثْنِي اللثامَ على مراشِفِهِ التي ... حُظِرَتْ عليَّ وعندكم إِسْفَارُهُ

وله

يا من صفا ماءُ النعيم بوجهه ... كم عيشةٍ كَدَّرْتَهَا بِصَفَائِهِ

وزجاجةٍ قَابَلْتَها فتبسَّمَتْ ... عن ثَغْرِهِ وَرُضَابِهِ وسَنَائِهِ

مُزِجَتْ فلانت مِثْلَما مُزِجَتْ بها ... أَخْلاقُهُ فأَطاعَ بعد إِبائه

ما زلتُ أرْشُفُهَا وَيَغْضَبُ ريقُهُ ... لمَّا جَعَلْتُ الخمرَ مِنْ نُظَرَائِهِ

وله

بنفسي خيالٌ زارَ وهو قريبُ ... أَحَقًّا عليه في المنام رقيبُ

سرى وغديرُ الليل طامٍ جمامُهُ ... وللشُّهْبِ فيه طَفْوَةٌ ورسوبُ

وقد أعجلته للصباح التفاتَةٌ ... فلم تكُ إلاَّ خفقةٌ وهبوب

ولولاكمُ لَمْ أَرْضَ أَنْ تَسْتَقِرَّ بي ... زخارِفُ حلمٍ صِدْقُهُنَّ كذوب

وكم أنَّةٍ أيقظتمُ نَفَسِي بها ... لها بين أَحْنَاءِ الضلوع نُدُوب

تَجَاوَر فيها بين هامٍ وجاحمٍ ... لعيني وقلبي جَدَوَلٌ ولهيب

ومنها:

أَمَسَّتْكُمُ ريحُ الصَّبا إِنَّ نَشْرَهَا ... إِذا هبَّ من تلقائكم لَيَطِيبُ

وَيَشِفِي غليلي أَنْ تَمُرَّ مريضةً ... وَبَرْدُ غليلٍ بالعليلِ عجيب

وله

لم أَرَ قَبْلَ شَعْرِهِ وَوَجْهِهِ ... ليلاً على ضَوْءِ الصباحِ عَسْعَسَا

والسكرُ في وَجْنَتِهِ وَطَرْفِهِ ... يَفْتَحُ وَرْداً وَيَغُضُّ نَرْجِساً

وله

أقولُ وَمَجْرَى النيلِ بيني وبينكم ... ونارُ الأَسَى مشبوبةٌ بضلوعي

تُرَاكمْ علمتمْ أَنَّني لو بَكَيْتُكُمْ ... على النيل لاستغرقْتُهُ بدموعي

وله

مَدَى صَبْرِي وَإنْ وَصَلُوا قصيرُ ... وَأَنْجُمُ ليلِ شوقي ما تَغُورُ

وفي أَسْرِ الغرام إذا استَقَلُّوا ... فؤادٌ كيفما ساروا يَسيرُ

غزالُ الرَّمْلِ سالفة وعياً ... ولكنْ لَحْظُهُ أَسَدٌ هَصُورُ

وهل سودُ العيونِ سوى أُسودٍ ... تَأَمَّلْ كيفَ يَفْتَرِسُ الفُتُورُ

وقفنا والهواجدُ مُشْمِسَاتٌ ... وفي الأحشاء بالهَجْرِ الهجيرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015