وجادوا بفضلٍ باهرٍ وفضائلٍ ... عَطاءَيْنِ من عِلْمٍ وَفَيْضِ مَوَاهب

ومنها:

مدحتك فاسمعْ من مديحيَ قَهْوةً ... تلذُّ لذي سمعٍ وَنَشْوَانَ شاربِ

عليَّ امتداحي للكرام مناصباً ... فذلك أحلى من غناء الجنائب

وله من أخرى:

وَرِعٌ وَأَرْوَعُ باسلٌ ... عِنْدَ المَحَارِبِ والمُحَاربْ

يَهَوى المعارِفَ لا المعا ... زِفَ والمشاعِرَ لا المشارِبْ

سُمْرُ العوالي في العُلاَ ... تُلْهيه عن بيضِ الكواعب

وله من قصيدة في الملك المعظم سلطان اليمن شمس الدولة توران شاه بن أيوب، وكانت بلاد الصعيد له من أخيه قبل اليمن، يصف فيها دمشق فإن الممدوح كان يعجبه ذلك:

أرقتُ لبرقٍ في الدُّجُنَّةِ مشبوبِ ... ودمعِ سحابٍ ناشىءٍ منه مسكوبِ

فَمِنْ قلبِ صبٍ لَفْحُهُ وَخُفُوقُهُ ... كما غَيْثُهُ مِنْ مَدْمَعٍ منه مصبوبِ

ولم أَرَ ناراً من مياهٍ وَقُودُهَا ... أَلا إِنَّ هذا من فُنون الأعاجيب

وبي جِنَّةٌ من ذكرِ جَنَّات جِلَّقٍ ... وَجَنَّةُ مُشْتَاقٍ وأَنَّةُ مَكْرُوبِ

وفي شرف الوادي وفي النيربِ اغتدتْ ... مآربُ للغرِّ الكرامِ الأَعاريب

فيا بَرَدى هل جُرْعَةٌ منك عَذْبَةٌ ... لتبريدِ حَرٍ في الجوانحِ مشبوب

ويا نهرَ ثَوْرا قد أَثَرْتَ صَبَابةً ... لقلبٍ شجٍ من لوعةِ الحبِّ مَنْدُوبِ

وهل لسراةِ الناسِ عِلْمٌ بأنني ... ظمئتُ إلى ماءٍ بباناسَ مَشْروبِ

وها أنا مستسقٍ لِمزَّةَ مُزْنَةً ... كَفَتْها عُيونٌ مَدُّها من أَهاضيب

ويا ذا الجلالِ احرس حَرَسْتَا فَحُسْنُها ... شفاءٌ لمهمومٍ وداٌ لمطبوب

ودومةُ دامَ العيشُ حلواً بربعها ... وواهاً له لو أنه غيرُ مسلوب

وفي برزةٍ مكحولةُ الطرفِ بَرْزَةٌ ... تُصَبِّرُني للوجد منها، وتُغْرى بي

ويا حسنَ ولدانٍ تَرَامُوْا بطابةٍ ... فمن غالبٍ عند النضالِ وَمَغْلُوبِ

وَدِدْتُ حُلولي في رياضكِ حَلَّةً ... وهيهاتَ أين الشامُ من بلدِ النُّوبِ

بنفسيَ من تَجْنِي وأَحْمِلُ عَتْبَها ... وَيَعْذُبُ عَيْشي في هواها بِتَعْذِيبي

كظبيٍ يصيدُ الليث قَمْراً فيغتدي ... من الرُّعْبِ مأسوراً بفتكةِ رعبوب

لئن قَصَّرتْ بالقصرِ عما أَلِفْتُهُ ... وقد كنتُ عنها قَبْلَها غير محجوب

فقد جَسَرَتْ بالجسرِ وهي جَبَانةٌ ... وزارت بليلٍ أَسودِ اللونِ غِرْبيبِ

نَعِمْتُ بها في جَنَّةٍ عُجِّلَتْ لنا ... بِجِلَّقَ إِذْ لَهْوِي بها غيرُ مَقْضُوبِ

مغانٍ غوانٍ من عيونٍ بسفحها ... وقيعانِها عن ساجمِ الغيثِ شُؤْبوب

بنفسجَهُا غَضٌّ يخالِطُ زُرْقَةً ... كآثارِ عضٍ قد عَلاَ خَدَّ مَحْبوبِ

ونَرْجِسُها المبثوثُ فيها كأَعْينٍ ... بَدَتْ فاتراتٍ من خَصَاصةِ تَنْقيب

وقد غَرَّدَتْ أَطيارُهَأ فكأنّها ... قِيانٌ يُرَجِّعْنَ اللحُونَ بتطريب

رياضٌ نضيراتٌ تَرفُّ كأَنّها ... سَقَاها فَرَوَّاها بَنَانُ ابنِ أَيُّوبِ

ومنها يصف وصولهم إلى مصر حين نزل الفرنج عليها:

ولما دُعُوا من مِصرَ لَبُّوا دعاءَنا ... على كلِّ نَهْدٍ لَيِّنِ العُنْقِ يَعْبُوبِ

فأردَى كماةَ الروم شدَّةُ بَطْشِهِمْ ... فهم بين مطلولِ الدماءِ ومطلوب

فلستَ ترى في عصبةِ الشركِ حاملاً ... صليباً ولا عِلْجاً لهم غيرَ مَصْلوب

وحسبهمُ ذاكَ الطعانُ الذي غَدَتْ ... بهم قِصَداً فيهم صدورُ الأنابيب

وظلَّ عميدُ الرومِ من حَذَرِ الرَّدَى ... يَؤُمُّ طريقاً بينهم غيرَ ملحوب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015