لَئِنْ أَوْحَدَتْني النّائِباتُ فإِنَّنيلَمِنْ سَيْبِكَ الْفَيّاضِ في عَسْكَرٍ دُهْمِ
وَإِنْ لمْ أَفِدُ غُنْماً فَقُرْبُك كافِلٌ ... بِأَضْعافِهِ حَسْبي لِقاؤُكَ مِنْ غُنْمِ
هَجَرْتُ إلَيْكَ الْعالَمينَ مَحَبَّةًوَمِثْلُكَ مَنْ يُبْتاعُ بِالْعُرْبِ وَالْعُجْمِ
وَما قَلَّ مَنْ تَرْتاحُ نَظْمي صِفاتُهُ ... وَلكِنْ رَأَيْتُ الدرُّ َّألَيْقَ بالنَّظْمِ
أَرى نَيْلَ أَقْوامٍ وَآبى امْتنِانَهُمْوَلَيْسَ تَفي لي لَذَّةُ الشُّهْدِ بِالسُّهِّم
فَهَلْ لَكَ أَنْ تَنْتاشَنيِ بِصَنيعَةٍ ... يَلينُ بهَا عُودُ الزَّمانِ عَلَى عَجْمي
تَحُلُّ مَحَلَّ الْماءِ عِنْدي مِنَ الثَّرىوَأَشْكُرُها شُكْرَ الرِّياضِ يَدَ الْوَسْمي
أَقَرَّ ذَوُو الآدابِ طُرّاً لِمَنْطِقي ... وَغَيْرُهُمُ فيما حَكى كاذِبُ الزَّعْمِ
فَلَسْتُ بِمُحْتاجٍ عَلَى ما ادَّعَيْتُهُ ... إلى شاهِدٍ بَعْدَ اعْتِرافٍ مِنَ الْخَصْمِ
تُطيعُ الْقَوافي الآبِياتُ قَرائحي ... وَيَنْزِلُ فِيهنَّ الْكلامُ عَلَى حُكمْي
وَسَيَّارَةٍ بِكْرٍ قَصَرْتُ عِنانَها ... فَطالَتْ بِه وَالْخَيلُ تَمْرَحُ في اللُّجْمِ
نَمى ذِكْرُها قَبْلَ اللِّقاءِ وإَنَّما ... يَسُرُّكَ بَوْحي بالْمَحامِدِ لا كَتْمي
كَمَخْتُومَةِ الدّارِيِّ نَمَّ بِفَضْلِها ... إلَيْكَ شَذاها قَبْلَ فَضِّكَ لِلْخَتْمِ
حَديثَةُ عَصْرٍ كُلَّما امْتَدَّ دَهْرُها ... سَمَا فَخْرُها حَتّى تَطولَ عَلَى الْقُدْمِ
وَما فَضْلُ بِنْتِ الْكَرْمِ يَوْماً بِبَيِّنإذا لمْ يَطُلْ عَهْدُ ابْنَةِ الْكَرْمِ بالْكَرْمِ
ومن مراثيه البديعة، المسلية عن الفجيعة، قصيدةٌ استحسنتها وكثر بها إعجابي فأثبتها ولم يتعدها انتخابي، وهي قوله في قول ابن عثمان يعزي به أبق سنة إحدى وخمسمائةٍ:
لَيْسَ الْبُكاءُ وَإِنْ أُطيلَ بِمُقْنِعي ... الْخَطْبُ أَعْظَمُ قِيمَةً مِنْ أَدْمُعي
أَوَ كُلَّما أَوْدى الزَّمانُ بِمُنْفِسٍ ... مِنّي جَعَلْتُ إلى المَدامِعِ مَفْزَعي
هَلاّ شَجاني أَنَّ نَفْسِيَ لمْ تَفِضْ ... أَسَفاً وَأَنَّ حَشَايَ لمْ تَتَقَطَّعِ
مَا كانَ هذا الْقَلْبُ أَوَّلَ صَخْرَةٍ ... مَلْمومَةٍ قُرِعَتْ فَلمْ تَتَصَدَّعِ
أَلْقى السِّلامَ عَلَى أَبَرَّ مُؤَمَّلٍ ... وَحَثَا التُّرابَ عَلَى أَغَرَّ سَمَيْدَعِ
يا لَلرِّجالِ لِنازِلٍ لمْ يُحْتَسَبْ ... وَلحِادِيثٍ ما كانَ بالْمُتَوَقّعِ
ما خِلْتُني أَلجْأ إلى صَبْرٍ عَلَى ... زَمَنٍ بِتَفْريقِ الأحِبَّةِ مُولَعِ
تَاللهِ ما جارَ الزَّمانُ وَلا اعْتَدى ... بِأَشَدَّ مِنْ هذا المُصابِ وَأَوْجَعِ
خَطْبٌ يُبَرِّحُ بالْخُطوبِ وَفادِحٌ ... مَنْ لمْ يَمُتْ جَزَعاً لَهُ لمْ يَجْزَعِ
لا أَسْمَعَ النّاعي، فَأَيْسَرُ ما جنَى ... صَدْعُ الْفُؤادِ بِه وَوَقْرُ المِسْمَعِ
يَا قُولُ قَوْلَةَ مُكْمَدٍ مُسْتَنْزِرٍ ... ماءَ الشُّؤونِ لَهُ وَنارَ الأَضْلُعِ
شاكي النَّهارِ إذا تَأَوَّبَ لَيْلُهُ ... هَجَعَ السَّليمُ وَطَرْفُهُ لمْ يَهْجَعِ
مَلآْنَ مِنْ حُزْنٍ فَلَيْسَ لِفَرْحَةٍ ... أَوْ تَرَْةٍ بِفؤادِهِ مِنْ مَوْضِعِ
أَشْكُو إلى الأيّامِ فِيكَ رَزِيَّتي ... لَوْ تَسْمَعُ الأَيّامُ شَكْوى مُوجَعِ
وَأَبِيتُ مَمْنوعَ الْقَرارِ كَأَنَّني ... ما راعَني الْحَدَثانُ قَطُّ بِأَرْوَعِ
وَرَنينِ مَفْجُوعٍ لَديْكَ وَصَلْتُهُ ... بِحَنينِ باكِيَةٍ عَلَيْكَ مُرَجَّعِ
غَلَبَ الأسى فيكَ الأُساةَ فَلا أَرى ... مَنْ لا يُكاثِرُ عَبْرَتي وَتَفُّجعي