إذا كُنتَ يَوْماً آمِلاً آمِلاً لهُ ... فَكُنْ واهِباً كلَّ المُنَى كُلَّ واهِبِ
وَإنّ امْرَءاً أَفْضى إِليهِ رَجاؤُهُ ... فَلمْ تَرْجُهُ الأَمْلاكُ إِحْدَى الْعَجائِبِ
مِنَ الْقَوْمِ لَوْ أَنَّ اللَّيالي تَقَلَّدَتْبِأَحْسابِهِمْ لمْ تَحْتَفِلْ بالْكَواكِبِ
من أحسن البيتين، وأبلغ المعنيين، فهما كدرتين توأمين.
إذا أَظْلَمَتْ سبُلُ السُّراةِ إلى الْعُلا ... سَرَوْا فَاسْتَضاؤوا بَيْنَها بالْمَناسِبِ
هُمُ غادَرُوا بالْعِزِّ حَصْباءَ أَرْضِهِمْ ... أَعَزَّ مَنالاً مِنْ نُجومِ الْغَياهِبِ
تَرى الدَّهْرَ ما أَفْضى إلى مُنْتَواهُمُ ... يُنَكِّبُ عَنْهُمْ بالْخُطوبِ النَّواكِبِ
إذا المُنْقِذِيُّونَ اعْتَصَمْتَ بِعِزِّهِمْخَضَبْتَ الْحُسامَ الْعَضْبَ مِنْ كُلِّ خاضِبِ
أُولِئكَ لمْ يَرْضَوْا مِنَ الْعِزِّ وَالْغِنىسِوى ما اسْتَباحُوا بالْقَنا وَالْقَواضِبِ
كَأَنْ لمْ يُحَلِّلْ رِزْقَهُمْ دِينُ مَجْدِهِمْبِغَيْرِالْعَوالي وَالْعِتاقِ الشَّوازِبِ
إذا قَرَّبوها لِلِّقاءِ تَباعَدَتْ ... مَسافَةٌ ما بَيْنَ الطُّلى وَالتَّرائِبِ
إذا نزلَوا أَرْضاً بها الْمَحْلُ رُوِّضَتْ ... وَما سُحِبَتْ فيها ذُيولُ السَّحائِبِ
بِأَنْدِيَةٍ خُضْرٍ فِساحٍ رِباعُها ... وَأَوْدِيَةٍ غُزْرٍ عِذابِ المَشارِبِ
أَرى الدَّهْرَ حَرْباً لِلْمُسالِمِ بَعْدَماصَحِبْناهُ دَهْراً وَهْوَ سِلْمُ المُحارِبِ
فَعُذْ بِنَهارِيِّ الْعَداوَةِ أَوْحَدٍ ... مِنَ الْقَوْمِ لَيْليِّ النَّدى وَالرَّغائِبِ
تَنَلْ بِسَديدِ الُمْلِك ثَرْوَةَ مُعْدِمٍ ... وَفَرْجَةَ مَلْهوفٍ وَعِصْمَةَ هارِبِ
سَعى وارِثُ الَمْجدِ التَّليدِ فَلمْ يَدَعْ ... بِأَفْعالِهِ مَجْداً طَريفاً لِكاسِبِ
يُغَطّي عَلَيْهِ الْحَزْمُ بالْفِكَرِ التَّي ... كَشَفْنَ لَهُ عَمّا وَراءَ العَواقِبِ
وَرَأْيٍ يُري خَلْفَ الرَّدى مَنْ أَمامَه ... فما غَيْبُهُ الْمَكُنونُ عَنْهُ بِغائِبِ
بَقِيتَ بَقاءَ النَّيِّراتِ وَمِثْلَها ... عُلُوّاً وَصَرْفاً عَنْ صُروفِ النَّوائِبِ
وَدامَ بِنُوكَ السِّتَّةُ الزُّهْرُ إنَّهُمْ ... نُجومُ الْمَعالي في سَماءِ الْمَناقِبِ
سَلَلْتَ سهِاماً مِنْ كِنانَة لمْ يَزَلْ ... يُقَرْطِسُ مِنْها في الْمُنى كلُّ صائِبِ
فَأَدْرَكْتَ ما فاتَ الْمُلوكَ بِعَزْمَةٍ ... تَقومُ مَقامَ الْحَظِّ عِنْدَ الْمَطالِبِ
وَما فُتْقَهُمْ حَتّى تَفَرَّدْتَ دُونَهُمْبِرَأْيِكَ في صَرْفِ الْخُطوبِ اللَّوازِبِ
وَما شَرُفَتْ عَنْ قِيمَة الزُّبَرِ الظبَّي ... إذا لمْ يُشَرِّفْها مَضاءُ الْمَضارِبِ
تَجافَيْتُ عَنْ قَصْدِ المُلوكِ وَعِنْدَهُمْ ... رَغائِبُ لمْ تَجْنَحْ إليْها غَرائِبي
تَناقَلُ بي أَيْدي الْمَهاري حَثيثَةً ... كما اخْتَلفَتْ في الْعَقْدِ أَنْمُلُ حاسِبِ
إذا الشَّوْقُ أَغْراني بِذِكْرِكَ مادِحاً ... تَرَنَّمْتُ مُرْتاحاً فَحَنَّتْ رَكائبِي
بِمَنْظومَةٍ مِنْ خالِصِ الدُّرِّ سِلْكُها ... عُروضٌ وَلِكْن دُرًّها مِنْ مَناقِبِ
تُعَمَّرُ عُمْرَ الدَّهْرِ حَتّى إذا مَضى ... أَقامَتْ وَما أَرْبَتْ عَلَى سِنِّ كاعِبِ
شَعَرْتُ وَحَظُّ الشِّعْرِ عِنْدَ ذَوي الْغِنىشَبيهٌ بِحَظِّ الشَّيبِ عِنْدَ الْكَواعِبِ
وَما بيَ تَقْصيرٌ عَنِ الْمَجْدِ وَالْعُلى ... سِوى أَنَّني صَيَّرْتُهُ مِنْ مَكاسِبي
يُعَدُّ مَعَ الأَكْفاءِ مَنْ كانَ عَنْهُمُغَنِيّاً وَإِنْ لمْ يَشْأَهُمْ في الْمَراتِبِ
وَلوْ خَطَرَتْ بي في ضَميرِكَ خَطْرَةٌ ... لَعادَتْ بِتَصْديقِ الظُّنونِ الْكَواذِبِ