كَتَمَ الصَّنائعَ فاسْتَشاعَ ثَناؤها ... مَنْ ذا يَصُدُّ الصُّبْحَ عَنْ أَنْ يُشْرِقا
قَدْ حالَفَ الْعَزْمَ الْحَميدَ فَلَمْ يَخَفْ ... خَطْباً يُحاوِل فَتْقَهُ أَنْ يَرْتُقا
وَرَمى إلى الْغَرَضِ البَعيدِ فلمْ يَبِتْ ... أَبَداً بِغَيْرِ المَكْرُماتِ مُؤَرَّقا
سامي الْمَرامِ شَريفُهُ إِنْ تَدْعُهُ ... لا تَدْعُهُ لِلْخَطْبِ إلاَّ مُقْلِقا
إِنْ جادَ في بِشْرٍ تُوُِّمَ عارِضاً ... أَوْ حَلَّ في نَفَرٍ تَرَاءَى فَيْلَقا
تَلْقاهُ في هَيْجاءِ كُلِّ مُلِمَّةٍ ... بَطَلاً إذا شَهِدَ الْكَريهَةَ حَقَّقا
كالْمَشْرِفَيِّ الْعَضْبِ إلاَّ أَنَّهُ ... أَمْضى شَباً مِنْهُ وَأَبْهى رَوْنَقا
جارى عِنانَ الْفضلِ في أَمَدِ الْعُلى ... أَدْنى وَأَقْرَبُ شَأْوِهِ أَنْ يَسْبُقِاَ
لا يُدْرِكُ الْجارونَ غايَةَ مَجْدِهِ ... مَنْ يَسَتطيعُ إلى السَّماءِ تَسَلُّقا
هَيْهاتَ يَمْنَعُ ذاكَ حَقٌّ أَخْلَقٌ ... لا يُحْسِنُ الْعَيُّوقُ فيهِ تَحَلُّقا
وَمِنَ التَّأَخُّرِ أَنْ يُقَدِّمَ وَاطِيٌ ... قَدَماً عَلَى دَحْضٍ أَزَلَّ وَأَزْلَقا
ما كُلُّ مَنْقَبَةٍ يُحاوَلُ نَيْلُها ... تُحْوى ولا كُلُّ الْمَنازِلِ تُرْتَقى
يَا سَيِّدَ الرُّؤَساءِ أَيُّ مُطاوِلٍ ... أَنْ يَسْتَطيعَ بكَ الَّلحاقَ فَيَلْحَقا
ماذا يُحاوِله المُغامِرُ بعدَما ... وَجَدَ المَجالَ إلى قِراعِكَ ضَيِّقا
إنَّ الرِّياسَةَ لا تَليقُ بِغَيْرِ مَنْ ... مُذْ كانَ كانَ بِثَدْيِها مُتَمَطِّقا
بِغَنائِها مُتَكِّفلاً وَبِفَضْلِها ... مُتوَحِّداً وَبِمُلْكِها مُتَحَقِّقا
كَمْ فيكَ مُجْتَمِعاً منَ الْحَسناتِش ما ... يُعْي ويُعْجِزُ في الوَرى مُتَفَرِّقا
وَلِبَيْتِكَ الْفَخْرُ الذي لَوْ أَنَّهُ ... سامى السِّماكَ لَكانَ مِنهُ أَسْمَقا
مَن كان يَفْخَرُ أَنَّهُ مِنْ أُسْرةٍ ... كَرُمَتْ وَيَضْرِبُ في الْكِرامُ مُعْرّقا
فلَيْأَتْنِا بأَبٍ كَمِثْلِ أَبيكَ في الْعَلْي ... اءِ أَوْ جَدٍّ كَجَدِّكَ في التُّقى
أَمّا دِمَشْقُ فَقَدْ حَوَتْ بكَ عزَّةً ... كَرُمَتْ بِها عْن أَنْ تكونَ الأبْلَقا
حَصَّنْتَها بِسَدادِ رَأْيِكَ ضارِباً ... سُوراً عَلَيْها مِنْ عُلاكَ وَخَنْدَقا
وَحَمَيْتَ حَوْزَتَها بِهِمَّةِ أَوْحَدٍ ... ما زالَ مَيْمونَ الفَعالِ مُوَفَّقا
أَمْطَرْتَها مِنْ فَيْضِ كَفِّكَ أَنْعُماً ... لا تُعْدِمُ الرُّوَّادَ رَوْضاً مُونقِا
إنْ أَظْلَمَتْ كُنْتَ الضَّحاءَ المْجْتَلىأَوْ أَجْدَبَتْ كُنْتَ الرَّبيعَ الُمْغِدقا
وَأَنا الذي أَضْحى أَسيرَ عَوارِفٍ ... لكَ لا يَوَدُّ أَسيرُها أَنْ يُطْلَقا
أَوْفى وَأَشَرفُ ما يُؤَمِّلُ آمِلٌ ... أنْ لا يُرى مِنْ رِقِّ جودِكَ مُعْتَقا
أَجْمَمْتُ جُودَكَ فَاسْتَفاضَ سَماحَةً ... وَإذا حَبَسْتَ السَّيْلَ زادَ تَدَفُّقا
وَحَمَيْتُ آمالي سِواكَ وَعاطِلٌ ... مَنْ كانَ مِنْ مَنِّ اللِّئامِ مُطَوَّقا
لم يُبْقِ سَيْلُ ندَاكَ مَوْضِعَ نائِلٍ ... فَهَقَ الغَديرُ وَحَقُّهُ أَنْ يَفْهَقا
وَلَئِنْ مَنَنْتَ فَواجِبٌ لكَ في النَّدى ... إمْا نَزَعْتَ بِسَهْمِهِ أَنْ يُغْرَقا
أَثْني عَلَيْكَ بِحقِّ حَمْدِكَ صادِقاً ... حَسْبُ الْمَعالي أَنْ تَقولَ فَتَصْدُقا
وَلَكَم يَدٍ لَكَ لايُؤَدَّي حَقُّها ... ما خَبَّ رَكْبٌ في الْفِجاج وَأَعْنَقا