وقصيدته في مدح أبي الذواد المفرج بن الصوفي بدمشق، مطلعها يبسم عن فجر اللطافة ويفجر ينبوع الرقة، ومخلصها يفتر عن ثغر الحصتفة ويخلص من التكلف والمشقة، وما سمعت بأعلق بالقلب من مطلعها، وهي:
لَوْ كُنْتَ شاهِدَ عَبْرَتي يَوْمَ النَّقَالَمَنَعْتَ قَلْبَكَ بَعْدَها أَنْ يَعْشَقَا
وَلَكُنْتَ أَوَّلَ نازِعٍ مِنْ خُطَّتي ... يَدَهُ وَلَوْ كُنْتَ الُمِحَّب المُشْفِقَا
وَعَذْرتَ في أَنْ لا أُطيقَ تَجَلُّداً ... وَعَجِبْتَ مِنْ أَنْ لا أَذوبَ تَحَرُّقاً
ناشَدْتُ حاديَ نُوقِهِمْ في مُدْنَفٍ ... أَبْكى الْحُداةَ بُكاؤُهُ وَالأيْنُقَا
وَمَنَحْتُهُمْ جَفْناً إذا نَهْنَهْتُهُ ... رَقَأَتْ جُفونُ الثّاكِلاتِ وَما رَقَا
يَا عمْروُ أَيُّ عَظيمِ خَطْبٍ لَمْ يَكُنْخَطْبُ الْفِراقِ أَشَدَّ مِنْهُ وَأَوْبَقَا
كِلْني إلى عُنْفِ الصُّدُودِ فَرُبَّما ... كانَ الصُّدُودُ مِنَ النَّوى بي أَرْفَقَا
قَدْ سالَ حَتّى قَدْ أَسالَ سَوادَهُ ... طَرْفي فَخالَطَ دَمْعَهُ المُتَرقْرِقَا
وَاسْتَبْقِ لِلْأطْلالِ فَضْلَةَ أَدْمُعٍ ... أَفْنَيْتَهُنَّ قَطيعَةً وَتَفَرُّقَاَ
أَوْ فَاسْتَمِحْ لي مِنْ خَلِيّ سَلْوَةً ... إنْ كانَ ذُو الإْثْراءِ يُسْعِفُ مُمْلِقَا
إنَّ الظِّباءَ غَداةَ رامَةَ لَمْ تَدَعْ ... إلاّ حَشاً قَلِقاً وَقَلْباً شَيِّقاَ
سَنَحَتْ فما مَنَحَتْ وَكَمْ مِنْ عارِضٍ ... قَدْ مَرَّ مُجْتازاً عَلَيْكَ وَما سَقى
غِيدٌ نَصَبْتُ لِصَيْدِهِنَّ حَبائِلاً ... يَعْلَقْنَهُنَّ فَكُنْتُ فيها أَعْلقاَ
وَلَكَمْ نَهَيْتُ اللَّيْثَ أَغْلَبَ بَاسِلاًعَنْ أَنْ يَرُودَ الظَّبْيَ أَتْلعَ أَرْشَقَا
فِإذا الْقَضاءُ عَلَى الْمَضاءِ مُرَكَّبٌ ... وَإذا الشَّقاءُ مُوَكَّلٌ بِأَخي الشَّقَا
وَلَقَدْ سَرَيْتُ إذا السَّماءُ َتخالُها ... بُرْداً بِراكِدَةِ النُّجومِ مُشَبْرَقَا
َواللَّيْلُ مِثْلُ السَّيْلِ لَوْلا لُجَّةٌتَغْشى الرُّبَا بِأَعَمَّ مِنْهُ وَأَعْمَقَا
وَمُشَمِّريَن تَدَرَّعُوا ثَوْبَ الدُّجى ... فَأَجَدَّ لُبْسَهُمُ الزَّماعُ وَأَخْلَقَا
عاطَيْتُهُمْ كَأْسَ السُّرى في لَيْلَةٍ ... أَمِنَ الظَّلامُ بِفَجْرِها أَنْ يُشْرِقَا
حَتّى إذا حَسَرَ الصَّباحُ كَأَنَّهُ ... وَجْهُ الْوَجيهِ تَبَلُّجاً وَتَأَلُّقَا
حَطُّوا رِحالَ الْعِيسِ مِنْهُ بِخَيْرِ مَنْ ... هَزُّوا إِلَيْهِ رِقابَهَا وَالَأْسؤُقَا
بِأَغَرَّ يَجْلو لِلْوُفودِ جَبينُهُ ... شَمْساً تَكونُ لهَا المَعالي مَشْرِقَا
نَزَلُوا فما وَصَلوهُ مَهْجُوراً وَلا ... فَتحُوا إلى نُعماهُ باباً مُغْلَقَا
إِنْ زُرْتَهُ فَتَوَقَّ فَيْضَ بَنانِهِ ... إنَّ الْبِحارَ مَلِيَّةٌ أنْ تُغْرِقَا
وَإذا أَبُو الذَّوّادِ حاطَكَ ذائِداً ... فَلَقَدْ أَخَذْتَ مِنَ الليَّالي مَوْثِقاً
يَشْتَدُّ مَمْنُوعاً وَيُكْرِمُ قادِراً ... وَيَطولُ مَحْقُوقاً وَيَصْفَحُ مُحْنَقا
لَوْ أَنَّ مَنْ يَرْوي حَديثَ سَماحِهِ ... يَرْويهِ عن صَوْبِ الْحَيا ما صُدِّقا
صَحِبَ الزَّمانَ وَكانَ يَبْساً ذاوِياً ... فسَقاهُ بالْمَعْروفِ حتّى أَوْرَقا
لا تَذْكُرَنَّ له الْمَكارِمَ وَالْعُلى ... فتَهيجَ صَبّاً أَوْ تَشُوقَ مُشَوَّقاً
عَشِقَ الْمحامِدَ وَهْيَ عاشِقَةٌ له ... وَكَذاكَ ما بَرِحَ الْجَمالُ مُعَشَّقاً
يَجْري على سَنَنِ المَكارِمِ فِعُلهُ ... خُلُقاً إذا كانَ الْفَعالُ تَخلُّقا
لا يَمْنَحُ الإحْسانَ إلّا كامِلاً ... خَيْرُ الْحَيا ما عَمَّ منهُ وَطَبَّقا