إذا ما رُوِّضَتْ أَرْضي وَساحَتْ ... فمَا مَعْنى انْتِجاعِيَ وَارْتِيادي؟
كَفى بِنَدى جَلالِ الُمْلكِ غَيْثاً ... إذا نَزَحَتْ قَرارَةُ كُلِّ وادِ
أَمَلْنا أَيْنُقَ الآمالِ مِنْهُ ... إلى كَنَفٍ خَصيبِ الُمْستَرادِ
وَأَغْنانا نَداهُ عَلَى افْتِقارٍ ... غَناءَ الْغَيْثِ في السَّنَةِ الْجَمادِ
فَمْن ذَا مُبْلِغُ الأَمْلاكِ عَنَّا ... وَسُوّاسِ الْحَواضِرِ وَالْبَوادي
بِأَنّا قَدْ سَكَنّا ظِلَّ مَلْكٍ ... مَخُوفِ الْبَأْسِ مَرْجُوِّ الأَيادي
صَحِبْنا عِنْدَهُ الأَيّامَ بِيضاً ... وَقَدْ عُمَّ الزَّمانُ مِنَ السَّوادِ
وَأَدْرَكْنا بِعَدْلٍ مِنْ عَلِيٍّ ... صَلاحَ الْعَيْشِ في دارِ الفْسَادِ
فمَا نَخَشى مُحارَبَةَ اللَّيالي ... وَلا نَرْجُو مُسالَمَةَ الأَعادي
فَقُولا لِلْمُعانِدِ وَهْوَ أَشْقى ... بما تَحْبُوهُ عاقِبَةُ الْعِنادِ
رُوَيْدَكَ مِنْ عَداوَتِنا سَتُرْدي ... نَواجِذَ ما ضِغِ الصُّمِّ الصِّلادِ
وَلا تَحْمِلْ عَلَى الأَيّامِ سَيْفاً ... فَإنَّ الدَّهْرَ يَقْطَعُ بِالنِّجادِ
فَأَمْنَعُ مِنْكَ جاراً قَدْ رَمَيْنا ... كَرِيمَتَهُ بِداهِيَةٍ نَآدِ
وَمَنْ يَحْمي الْوِهادَ بِكُلِّ أَرْضٍ ... إذا ما السَّيْلُ طَمَّ عَلَى النِّجادِ
هُوَ الرّامِيكَ عَنْ أَمَمٍ وَعُرْضٍ ... إذا ما الرَّأيُ قَرْطَسَ في السَّدادِ
وَمُطْلِعُها عَلَيْكَ مُسَوَّماتٍ ... تَضيقُ بِهَمِّها سَعَةُ الْبِلادِ
إذا مَا الطَّعْنُ أَنْحَلَها الْعَوالي ... فَدى الأَعْجازَ مِنْها بِالْهَوادي
فِداؤُكَ كُلُّ مَكْبُوتٍ مَغيظٍ ... يُخافيكَ الْعَداوَةَ أَوْ يُبادي
فَإنَّكَ ما بَقيتَ لَنا سَليماً ... فما نَنْفَكُّ في عِيدٍ مُعادِ
أَبُوكَ تَدارَكَ الإسْلامَ لَمّا ... وَهى أَوْ كادَ يُؤْذِنُ بِانْهِدادِ
سَخا بالنَّفْسِ شُحّاً بالْمَعالي ... وَجَاهَدَ بِالطَّريفِ وَبِالتِّلادِ
كَيَوْمِكَ إذْ دَمُ الأَعْلاجِ بَحْرٌ ... يُرِيكَ الْبَحْرَ في حُلَلٍ وِرادِ
عَزائِمُكَ الْعَوائِدُ سِرْنَ فِيهمْ ... بِما سَنَّتْ عَزائمُهُ الْبَوادي
وَهذا الْمَجْدُ مِنْ تِلْكَ المَساعي ... وَهذا الْغَيْثُ مِنْ تِلْكَ الْغَوادي
وَأَنتُمْ أَهْلُ مَعْدَلِةٍ سَبَقْتُمْ ... إلى أَمَدِ الْعُلى سَبْقَ الْجِيادِ
رَعى مِنْكَ الرَّعِيَّةَ خَيْرُ راعٍ ... كَريمِ الذَّبِّش عَنْهُمْ وَالذِّيادِ
تَقَيْتَ اللهَ حَقَّ تُقاهُ فِيهِمْ ... وَتَقْوَى اللهِ مِنْ خَيْرِ الْعَتادِ
كَأَنَّكَ لا تَرى فِعْلاً شَريفاً ... سِوى ما كانَ ذُخْراً لِلْمَعادِ
مَكارِمُ بِعْضُها فيهِ دَليلٌ ... عَلَى ما فيكَ مِنْ كَرَمِ الْوِلادِ
هَجَرْتَ لَها الكَرى شَغَفاً وَوَجْداً ... وَكُلُّ أَخي هَوىً قَلِقُ الْوِسادِ
غَنِيتُ بِسَيْبِكَ الَمْرجُوِّ عَنْهُ ... كمَا يَغْنَي الْخَصيبُ عَنِ الْعِهادِ
وَرَوّاني سَماحُكَ ما بَدَا لِي ... فمَا أَرْتاحُ لِلْعَذْبِ الْبُرادِ
إذا نَفَقَ الثَّناءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ... فَلَسْتُ بِخاِئفٍ فيها كَسادِي
فَلا تَزَلِ اللَّيالي ضامِناتٍ ... بَقاءَكَ ما حَدا الأَظْعانَ حادِ
ثَنائي لا يُكَدِّرُهُ عِتابي ... وَقَوْلي لا يُخالِفُهُ اعْتِقادي