وللغزي في التجنيس:

وصُدورٍ لا يَشْرحون صدوراً ... شغلتهم عنّا صُدور الدجاج

وللأديب الغزي في مدح نور الهدى أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي أخي طراد قصيدة أوردها أبو سعد السمعاني في المذيل وذكر أنه قرأها بخطه. فمنها:

جفونٌ يَصِحّ السُقْمُ فيها فَيُسْقِمُ ... ولَحْظٌ يناجيه الضمير فَيُفْهَمُ

مَعاني جَمالٍ في عِبارات خِلْقةٍ ... لها تُرْجُمان صامِتٌ مُتَكَلِّم

تَأَلَّفْن في عينيْ غَزَالٍ مُشَنَّفٍ ... بِفَتْواهما في مذهب الحبِّ يُحْكَم

تَضاعَفَ بالشكوى أَذى الصَبّ، والهوى ... تَخَرَّصَ فيه الظالمُ المتظلم

محا اللهُ نوناتِ الحواجب لم تزلْ ... قِسِيّاً، لها دُعْجُ النَّواظِرِ أَسْهُمُ

وأَطْفاَ نيران الخُدود فقلّ من ... رأَى قبلها ناراً يُقبّلها فم

سقاك الكرى من مَوْرِدٍ عزَّ ماؤه ... عليه القُلوبُ الهِيمُ كالطيرِ حُوَّمُ

أَصادَك غِزلان الحِجاز، وطالما ... تَمَنَّى تَقِيٌّ صيدَها وهو مُحْرِم

طَرَقْن ووجْهُ الأَرضِ في بُرْقُع الدُّجى ... وعُدْنَ، وكُمّ الليل بالفجر مُعْلَم

ومنها:

كفى بمُلوكِ الأَرضِ سُقماً حِذارهم ... وإِنْ ملكوا، أن يُسْلَب المُلكُ مِنْهم

وَهَبْ جعلوا ما في المعادن جُمْلةً ... رهائن أَكْياسٍ تُشَدّ وتُخْتَم

فلم يَبْقَ دينارٌ سوى الشمس لم يُنَل ... ولم يبق غيرُ البدر في الناس درهم

أَليس أَخو الطّمريْن في العيشِ فوقهم ... إِذا بات لا يَخْشى ولا يَتَوَهَّم

أَرى كلَّ من مدَّت بِضَبْعَيْه دولةٌ ... تعلَّم منها كيف في الماء يَرْقُم

تحلّى بأَسماءِ الشهورِ فكفُّه ... جُمادى وما ضمت عليه المحرَّم

من استحسن التقريظ واسْتقبح اللُّهى ... تَسَمّى بأَلْمى وهو أَفْلَحُ أَعْلَمُ

سَرى الجَدّ حتّى في الحرُوف مُؤَثِّراً ... فمنهن في القرطاس غُفْل ومُعْجَم

ولو قَدّمَ الإِحسانُ والفضلُ لم يَلِقْ ... بغير الحُسَيْن الزَّيْنَبِيّ التقدُّمُ

إِمامٌ غدا بالعلم في العصر غُرّةً ... برغم العِدى والعَصْر بالجهل أَدهم

بنُور الهُدى قد صحّ مَعنى خِطابه ... وكلّ بعيدٍ من سَنا النُّور مُظْلم

وطالعت كتاب أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني الموسوم بالمذيل لتاريخ مدينة السلام وقد أورد ذكر الغزي وأثنى عليه وقال: شيخ كبير مسن قد ناطح التسعين وكان أحد فضلاء الدهر ومن يضرب به المثل في صنعة الشعر. وكان ضنيناً بشعره ما كان يملي منه إلا القليل.

ورد عليها مرو وكان نازلاً في المدرسة النظامية إلى أن اتفق له الخروج من مرو إلى بلخ فباع قريباً من عشرة أرطال من مسودات شعره بخطه من بعض القلانسيين ليفسدها، فحضر بعض أصدقائي وزاد على ما اشتراه شيئاً وحملها في الحال إلي، فطالعتها فرأيت شعراً دهشت من حسنه وجودة صنعته، فبيضت من شعره أكثر من خمسة آلاف بيت وبقي منه شيء كثير. وبقية شعره الذي كان معه اشتراه بعض اليمنيين واحترق ببلخ مع كتيبات له.

وقال سمعت أبا نصر عبد الرحمن بن محمد الخطيبي الخرجردي يقول مذاكرة: ولد إبراهيم الغزي في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. قال: وسمعت أبا نصر الخرجردي يقول بمرو: إنا الأديب الغزي مات في سنة أربع وعشرين وخمسمائة في الطريق وحمل إلى بلخ ودفن بها. وكان يقول: أرجو أن الله تعالى يعفو عني ويرحمني لأني شيخ مسن جاوزت التسعين ولأني من بلد الإمام المطلبي الشافعي، يعني محمد بن إدريس.

قال السمعاني في تاريخه: أنشدنا أبو علي الآدمي بأصفهان، أنشدنا عبد الواحد الحافظ الأصفهاني أنشدنا إبراهيم الغزي لنفسه في الأدب:

الفضلُ فَضْلان: طبعيٌّ ومُكْتَسَب ... وقلّما اجتمعا في المرء واصْطحبا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015