مَنْ لمْ يكنْ أَدبُ الأَخلاقِ يصْحَبه ... فلا تعدَّنَّه من جُملة الأُدَبا
قال: وأنشدني أبو طاهر أحمد بن حامد بن أحمد الثقفي، أنشدنا إبراهيم بن عثمان الكلبي ثم أشهبي لنفسه من قصيدة:
يا عاذلي في عبرتي ... والصبّ في أُذنيْه وَقْرُ
أَنا في كَرى وَلَهي، ودَمْعي في الكَرى فَرَحٌ يَسُرّ
والغَيْم غَيْمٌ كشْفُه ... في أَن يَبُلَّكَ مِنْه قَطْرُ
وسنورد من هذه القصيدة أبياتاً أخر.
قال: وأنشدني أبو طاهر الثقفي بأصفهما، أنشدني أبو إسحق الغزي لنفسه من قصيدة طويلة:
أَغْيَد، للعين حين تَرْمُقُه ... سلامةٌ، في خِلالها عَطَبُ
واْخضَرَّ في وَجْنَتَيْه خَطُّهما ... بحافَةِ الماءِ ينبتُ العُشُب
يُديرُ فينا بخدّه قدحاً ... يجتمعُ الماء فيه واللهب
مُنْتهِزاً فُرصة السرورِ به ... فَمَقْدَمُ الحادثات مُرْتَقب
وله يعاتب بعض الوزراء:
نَمى لك ودّي منذ قَلَّمتَ رأْسَه ... قياساً على الأَقلام والشَمْع والظُفْرِ
وقدَّمْتُ شكراً ما اقتضته صنيعةٌ ... وأَقبحُ ما يُهجى المقصِّر بالشكر
قال: وأنشدني ابن عمي أبو منصور محمد بن الحسن بن منصور السمعاني بمرو، أنشدني الغزي لنفسه:
طولُ حياةٍ ما لها طائلُ ... نَغّص عندي كلَّ ما يُشْتهى
أَصبحتُ مثلَ الطّفل في ضعفه ... تَشابه المَبْدأُ والمُنْتَهى
فلا تَلُمْ سَمْعي إِذا خانني ... إِنّ الثمانين وبُلّغتها
قوله: إن الثمانين وبلغتها تضمين، من قول عوف بن محلم الشيباني، كان بين يدي عبد الله بن طاهر، وقد أسن فكلمه بشيء فلم يفهمه، فقال الحاجب له لما خرج: إن الأمير كلمك بشيء فلم تفهمه، فرجع ووقف بين يدي عبد الله، وأنشأ يقول:
يا ابن الذي دان له المشرقانْ ... وأُلبس العدلَ به المغربانْ
إِنّ الثمانين، وبُلِّغتَها، ... قد أَحوجتْ سمعي إِلى تُرْجُمانْ
وقاربتْ مني خُطىً لم تكن ... مقارَبات، وثنتْ من عِنانْ
وما بقى فيّ لمُسْتَمْتِع ... إِلا لساني، وبحسبي لِسانْ
أَدعو به الله وأُثْني به ... على الأَمير المُصْعَبيّ الهِجان
وهي أكثر من هذه، وإنما أوردت هذه الأبيات اختصاراً.
قال السمعاني: ... أبو بكر محمد بن علي بن الحسن الكرجي ببغداد، وأبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني الحافظ بسمرقند، أنشدنا إبراهيم بن عثمان الغزي لنفسه بهراة:
إِنّما هذه الحياةُ مَتاعٌ ... والسّفيه الغَوِيّ من يَصْطفيها
ما مضى فات والمُؤَمّل صَعْب ... ولك الساعةُ التي أَنت فيها
قال: وأنشدني أبو الفضل عبد الرحيم بن أبي العباس بن الأخوة، أنشدنا أبو إسحاق الغزي:
أَفدي الذي ضَمّني، والبَيْنُ يحْفِزهُ ... ولم يَرُعْه انحِناء الظَّهْر والشَظَفُ
إِذا تعانق منآد ومُعْتدلٌ ... كانا كلا، ضاع فيها اللام والألف
قال: وقرأت في جملة أشعاره بخطه:
وقالوا بِعْ فؤادك حين تهوى ... لعلّك تشتري قلباً جليدا
إِذا كان القديم هو المُصافي ... وخان، فكيف آتمن الجديدا
قال: أنشدني أبو بكر محمد بن علي بن ياسر بمسرقند، أنشدني أبو إسحق الغزي لنفسه بهراة:
وَخْزُ الأَسنَّة والخُضوعُ لناقصٍ ... أَمران، في ذوق النُهى، مُرّان
والحَزْمُ أضن تختار فيما دونه المران وخز أَسِنّة المُرّان
قال: أنشدنا أبو الفتح بن مسعود بن محمد بن أبي نصر، الخطيب، بكشميهن، أنشدني الغزي لنفسه في بعض الوزراء:
مِنْ آلة الدستِ لمْ يُعْطَ الوزير سِوى ... تحريكِ لحيته في حالِ إِيماء
إِنَّ الوزير بلا أَزْرٍ يُشَدّ به ... مثلُ العروض لَهُ بحرٌ بلا ماء
قال: وفيما قرأت بخط إبراهيم بن عثمان الغزي بكرمان من غرر قصائده في مكرم بن العلاء الوزير بكرمان: