لعمرك مَا يدْرِي الْفَتى كَيفَ يَتَّقِي ... إِذا هُوَ لم يَجْعَل لَهُ الله واقيا الحطيئة: واسْمه جَرْوَل بن مَالك، كَانَ راوية زُهَيْر، فنجم مَقْبُول الْكَلَام شرود القافية، خَبِيث اللِّسَان، حَتَّى إِنَّه هجا أَبَاهُ وَأمه وَامْرَأَته وَنَفسه، فَمن قَوْله فِي أَبِيه وخاله وَعَمه: لحاك الله ثمَّ لحاك حَقًا ... أَبَا، ولحاك من عَم وخال فَنعم الشَّيْخ أَنْت لَدَى المخازي ... وَبئسَ الشَّيْخ أَنْت لَدَى الْمَعَالِي وَمن قَوْله فِي أمه: تنحي واقعدي عَنَّا بَعيدا ... أراح الله مِنْك العالمينا أغربالا إِذا اسْتوْدعت سرا ... وكانونا على المتحدثينا وَمن قَوْله فِي نَفسه: أَبَت شفتاي الْيَوْم إِلَّا تكلما ... بِسوء فَمَا أَدْرِي لمن أَنا قَائِله أرى لي وَجها شوه الله خلقه ... فقبح من وَجه وقبح حامله وصب الله بِهِ على الزبْرِقَان بن بدر سَوط عَذَاب حَتَّى أحرقه بهجائه وأمضه وأرمضه بقصيدته الَّتِي يَقُول فِيهَا: لقد مريتكم لَو أَن درتكم ... يَوْمًا يَجِيء بهَا مسحي وإبساسي أزمعت يأسا مريحا من نوالكم ... وَلنْ ترى طاردا للْحرّ كالياس من يفعل الْخَيْر لَا يعْدم جوازيه ... لَا يذهب الْعرف بَين الله وَالنَّاس