لا! جزاك الله خيرا فقد وجدناك وفيّا كريما. قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا مخافة أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم، فلما أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمت. وعاد إلى المدينة ورد عليه النبي زينب. واستمرت قريش تفتدي أسراها. وكان الفداء يومئذ أربعة آلاف درهم للرجل إلى ألف، إلا من لا شيء عنده فقد منّ عليه محمد بحريته.

بكاء قريش قتلاها هند وأبو سفيان

لم يهوّن ذلك على قريش مصابها، ولا هو دعاها إلى أن تهادن محمدا أو أن تنسى هزيمتها؛ بل ناحت نساء قريش من بعد ذلك على قتلاها شهرا كاملا، فجززن شعر رؤسهن، وكان يؤتى براحلة الرجل أو بفرسه فينحن حولها؛ ولم يخالف في هذا إلا هند بنت عتبة زوج أبي سفيان. ولقد مشى نساء منهن يوما إليها فقلن:

ألا تبكين على أبيك وأخيك وعمك وأهل بيتك؟! فقالت: أنا أبكيهم فيبلغ محمدا وأصحابه فيشمتوا بنا ويشمت بنا نساء الخزرج، لا والله حتى أثأر من محمد وأصحابه! والدّهن عليّ حرام حتى نغزو محمدا! والله لو أعلم أن الحزن يذهب من قلبي لبكيت، ولكن لا يذهب إلا أن أرى ثأري بعيني من قتلة الأحبة. ومكثت لا تقرب الدهن ولا تقرب فراش أبي سفيان وتحرض الناس حتى كانت وقعة أحد. أما أبو سفيان فنذر بعد بدر ألا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015