بكر. ثم خطب الناس فقال: «كيف ترون؟» فقال سعد بن معاذ رضي الله عنه: يا رسول الله إيانا تريد، فوالذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب ما سلكتها قط، ولا لي بها علم، ولئن سرت حتى تأتي بَرك الغِماد من ذي يَمَنٍ لنسيرن معك، ولا نكون كالذين قالوا لموسى عليه السلام: «إذهب أنت وربك فقاتلا إِنّا ها هنا قاعدون» ولكن إذهب أنت وربك فقاتلا إنّا معكم متَّبعون، ولعلَّ أن تكون خرجت لأمر وأحدث الله إليك غيره، فانظر الذي أحدث الله إليك فامضِ، فصِلْ حبالَ من شئتَ، واقطع حبال من شئتَ، وعاد من شئتَ، وسالم من شئتَ؛ وخذ من أموالنا ما شئت. فنزل القرآن على قول سعد رضي الله عنه: {كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقّ وَإِنَّ فَرِيقاً مّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَِّرِهُونَ} (الأنفال: 5) - الآيات. وذكر الأمويُّ في مغازيه، وزاد بعد قوله: وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منَّا كان أحب إِلينا ممّا تركت، وما أمرت به من أمر فأمرنا تبع لأمرك، فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غُمْدان لنسيرن معك. كذا في البداية.
وذكره ابن إسحاق وفي سياقه: قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله، قال: «أجل» . قال: فقد آمنّا بك، وصدَّقناك، وشهدنا أنَّ ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة لك، فامضِ - يا رسول الله - لما أردت فنحن معك، فالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا البحر فخضتَه لخضناه معك، ما تخلّف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقَى بنا عدونا غداً. إنا لصُبُرٌ في الحرب، صُدْقٌ عند اللقاء، لعل الله يُرِيك منا ما تقرُّ به عينك، فسِرْ على بركة الله. فسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد ونشّطه، ثم قال: «سيروا وأبشروا؛ فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله، لكأنِّي الآن أنظر إلى مصارع القوم» كذا في البداية.