وقد رتب على هذا الأصل من الأصول والأسس التي قامت عليها دعوته أحكاما يكفر من عرف هذا الحكم بدليله وقامت الحجة عليه بالبيان والدعوة ثم أصر على التحاكم إلى غير ما أنزل الله وفضل حكم البشر على حكم خالقهم واعتدى على الألوهية في أخص خصائصها وجعل له إلها في الحكم غير الله وحكم على من أنكر هذا الأصل أو دافع عن مرتكبيه بالباطل أو شايعهم وظاهرهم على المسلمين أنه كافر.

يقول حفيده الشيخ سليمان بن عبد الله في شرحه لقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [النّساء من الآية: 60] . يقول الشيخ سليمان في شرحه لهذه الآية "لما كان التوحيد الذي هو معنى شهادة لا إله إلا الله مشتملا على الإيمان بالرسل مستلزماً له وذلك هو الشهادتان. ولهذا جعلها النبي صلّى الله عليه وسلّم ركناً واحداً ونبه في هذا الباب على ما تضمنه التوحيد واستلزمه من حكم الرسول صلّى الله عليه وسلّم في موارد النّزاع، إذ مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله ولازمها الذي لا بد منه لكل مؤمن، فإن من عرف أن لا إله إلا الله فلا بد من الانقياد لحكم الله، والتسليم لأمره الذي جاء من عنده على يد رسوله صلّى الله عليه وسلّم. فمن شهد أن لا إله إلا الله ثم عدل إلى تحكيم غير الرسول صلّى الله عليه وسلّم في موارد النّزاع فقد كذب في شهادته1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015