الثانية: أن لي على أهل الدرعية قانونا آخذه منهم في وقت الثمار وأخاف أن تقول لا تأخذ منهم شيئا.
فأجاب الشيخ أيها الأمير أما الأولى فأبسط يدك الدم بالدم والهدم بالهدم. وأما الثانية فلعل الله أن يفتح لك الفتوحات فيعوضك الله من الغنائم وما هو خير منها. ثم إن محمد بسط يده وبايع الشيخ على دين الله ورسوله والجهاد في سبيل الله وإقامة شرائع الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقام الشيخ معه واستقر عنده وتم التحالف بين الشيخ والأمير على نصرة الحق ومحاربة الشرك. هكذا دخل محمد بن سعود في الدعوة وكان الاتفاق بينه وبين الشيخ النواة الأولى في بناء صرح الدولة السعودية الأولى. وما أن ذاع خبر هذا الاتفاق سنة 1157 هـ - 1746 م في بلدان نجد حتى أتى المبايعون إلى الدرعية وأصبحت بمثابة العاصمة الدينية والسياسية والحربية، وضاقت منازلها عن تحمل العدد الغفير الذي هاجر إليها من أتباع الشيخ من العيينة وغيرها من بلدان نجد، وكانت الدرعية ومن هاجر إليها في ذلك الوقت في ضيق مالي ثم تحسنت أحوالهم بعد ذلك بسبب ما حصلوا عليه من الغنائم والزكاة التي أصبحت تؤخذ من البلدان الخاضعة للدرعية. ولما علم عثمان بن معمر باتفاق المحمدين ندم على خروج الشيخ من بلده فطلب منه الرجوع ووعده بنصره ومنعة. فقال الشيخ: "ليس ذلك إلي، إنه لمحمد بن سعود، فإن أراد أن أذهب معك ذهبت وإن أراد أن أقيم عنده أقمت، ولا أستبدل برجل تلقاني بالقبول غيره"1.