يريدون الرباط، فأشرت إليهم فأقبلوا، فقالوا: ما أنت وهذا؟ فأخبرتهم بالذي كان من أمره، فثنوا رحلهم فغسلناه بماءِ البحر، وكفناه بأثواب كانت معهم، ووليت الصلاة عليه من بينهم، ودفناه في مظلته تلك، ومضى القوم إلى رباطهم، وبت في مظلته تلك الليلة آنسًا به.
فلما مضى من الليل مثل ما بقي، إذا أنا بصاحبي في روضة خضراء عليه ثياب خضر قائمًا يتلو الوحي، فقلت: أليس أنت صاحبي؟ قال: بلى. قلت: فما الذي صيرَّك إلى ما أرى؟ قال: وردت من الصابرين على درجة لم ينالوها إلا بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء.
فقال الأوزاعي: ما زلت أحب أهل ذلك البلاء منذ حدثني الحكيم بهذا الحديث. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/ 39، المنتظم 9/ 6 - 8].
* وضرب رجلٌ أحد الصالحين فشجَّ رأسه، قال: فسألت الله له الجنة. قيل: كيف وقد ظلمك، فقال: علمت أنني أؤجر على ما نالني منه فلم أرد أن يكو نصيبي منه الخير ونصيبه مني الشر. [إحياء علوم الدين 1/ 933].
* وعن بشر بن الحارث أنه قال: قتل للمعافى بن عمران رحمه الله ابنان في وقعة الموصل، فجاء إخوانه يعزونه من الغد، فقال لهم: إن كنتم جئتم لتعزوني فلا تعزوني، ولكن هنئوني، قال: فهنّوه، فما برحوا حتى غدّاهم وغلفهم بالغالية. [المنتظم 9/ 101].
* وقال أبو محمد الجريري رحمه الله: الصبر أن لا يفرق بين حال النعمة والمحنة مع سكون الخاطر فيهما. (?)
[عدة الصابرين / 30].