تغنِّي وتضحكُ حافاتُهُ ... خلالَ الغَمام وتَبكي مِرارا

كأنَّا تُضيءُ لنا حُرَّةٌ ... تشدُّ إزاراً وتُلقي إزارا

فلمَّا خَشينا بأنْ لا نجاءَ ... وأنْ لا يكونُ قرارٌ قَرارا

أشارَ له آمرٌ فوقَهُ ... هلمَّ فأمَّ إلى ما أشارا

مثله قول سُحيم:

أصاحِ ترَى البرقَ لم يفتمض ... يَضيء كِفافاً ويَخْبو كِفافا

مثله قول ابن الخطيم:

أضاءتْ لنا كالشَّمس تحت غمامةٍ ... بدا حاجبٌ منها وضنَّتْ بحاجبِ

مثله لبشَّار:

قامتْ تصدَّ إذ ... رأتْني وَحْدِي

كالشَّمس بين ... الزِّبرِج المُنْقَدِّ

ضنَّتْ بخدٍّ ... وجلتْ عن خدِّ

ومن أحسن ما قيل في هذا المعنى قول معن بن أوس يصف نخلاً:

كأنَّما هي ... عانسٌ تصدَّى

تخشَى الكسادَ ... وتُحبّ النَّقدا

فهْيَ تَرَدَّى ... بعد بُردٍ بُرْدا

نُصيب في وَعد مطله:

فجرَّى ومنَّاني ثلاثةَ أشهرٍ ... بوعدٍ ووافتْ بعد ذاكَ معاذِرُهْ

غدٌ علَّةٌ لليومِ واليومُ علَّةٌ ... لأمسِ مدًى لا ينقضِي الدَّهرَ آخرُهْ

وإنِّي لراجٍ حين أرجو مُغرِّراً ... ندَى جامدٍ لا يُخرج الماءَ عاصرٌهْ

تميم بن كُميل:

فباتَ يشجُّ البِيدَ واللَّيلَ ما ثنَى ... يدَيه لتعريسٍ يَحنّ وأزفرُ

فقلتُ له لمَّا رأيتُ الَّذي بهِ ... كِلانا إلى وِرْد الخَشاشة أصوَرُ

فليت الَّذي ينسَى تذكُّرَ إلفِه ... وشِرْباً بأحواض الخَشاشة ينحَرُ

منيف بن مالك القَينيّ:

لعمري لئن كانتْ نواكم تباعدتْ ... لمَا قرَّبتْنا منكم الدَّارُ أطوَلُ

وإنَّ تَنائي الدَّار منكم لمَبْلَغٌ ... إلينا ولكنَّ التَّصبُّر أجمَلُ

سوّار بن المضرّب:

بِعَرْض تَنوفةٍ للرِّيح فيها ... نسيمٌ لا يروعُ التُّربَ وانِ

سقَى اللهُ اليمامةَ من بلادٍ ... نَشاها مثلُهُ نَشرُ الغَوانِي

هذا مليح في سكون الرِّيح ولين هبوبها. ومن جيِّد ما قيل في هذا المعنى قول منصور بن يحيى الموصليّ:

وهبَّتْ شمالٌ ما اهتدَى اللِّصُّ هديَها ... سراراً متَى تنظُرْ إلى الماءِ يبرُدِ

وما أدركتْ في مَرِّها لم تطِرْ به ... ولو أنَّه أطراف قطنٍ مُزبَّدِ

وقد أشار البحتريّ إلى هذا المعنى فلم يأتِ به في ذكر الرِّيح بل في صفة جري الفرس وسرعته فقال:

خفَّتْ مواقعُ وطْئه فلوَانَّه ... يجرِي برملة عالجٍ لم يُرْهِجِ

يزيد بن مَزيد:

ألمْ تَرني والسَّيفَ خِدْنَين ما لنا ... رضاعٌ سِوى دَرّ المنيَّة بالثُّكلِ

وإنِّي وإيَّاه شقيقان لم تَزَلْ ... لنا وقعةٌ في غير عكلٍ وفي عكلِ

مثله للجمَّال العبديّ:

السَّيفُ والرُّمحُ لي خِدْنَانِ قد شهِدا ... أنِّي شجاعٌ فما دانانيَ الأسَدُ

إذا شددتُ على قومٍ هَزَمتهمُ ... ببأس ذِكْرِي فلا يبقَى لهم مَدَدُ

أبو الجُويرية العبديّ وهو أحسن ما نعرف في كلال الإبل:

وردَ المطيُّ بنا إليك كأنَّها ... صُفْر الحنيَّةِ تَستحِطُّ وتَنصَبُ

وعيناً إذا هبَّتْ لها الرِّيحُ أسبلَتْ ... مدامعُها شوقاً وسُعدَى بَرودُها

ونفساً سقاها الحبُّ حتَّى تضلَّعتْ ... من الوجدِ لا يَشفي صَداها وُرودُها

رقيدة بن قيس الجعديّ:

ولي خُلَّةٌ أمَّا الفؤادُ فهائمٌ ... بها وهْيَ بالمُستَطرفين تَهيمُ

إذا عارضٌ منها استهلَّ فإنَّه ... لأوَّل ما يَبدو له ويَشيمُ

مثله:

ولمَّا بدا لي أنَّما أنت مَنهلٌ ... بصحراءَ مَن يجتازُهُ فهْوَ شاربُهْ

صَدَدْتُ فلم أشربْ به غيرَ أنَّني ... شربتُ به يوماً وعندي تجارِبُهْ

هذا البيت خلاف بيت بشَّار:

ولا أشربُ الماءَ الَّذي يحملُ القَذَى ... أجلْ لا ولا أسقِي به من نُصاحبُهْ

إذا أنتَ لم تشربْ مِراراً على القَذَى ... ظمِئتَ وأيُّ النَّاس تَصفو مَشاربُهْ

غلبة بن جوَّاس:

كنَّا ثلاثة أخْدانٍ وأنفُسُنا ... نفساً نقصِّرُ عيشاً بَيننا عَجَبا

إذِ الشَّبابُ ونُعْمٌ صاحبان معاً ... سَقياً لذَينكَ مِن إلفينِ قد ذَهَبا

أبو الأسود الدِّيلي:

إذا قلتُ أنصِفْني ولا تظلمنَّني ... رَمَى كلَّ حقٍّ أدَّعيهِ بباطِلِ

فماطَلْتُهُ حتَّى ارْعَوَى وهْو كارهٌ ... وقد يرعَوِي ذو الشَّغْب بعد التَّحاملِ

فإنَّك لم تعطِفْ إلى الحقِّ ظالماً ... بمثل خَصيمٍ عاقلٍ متجاهلِ

أبو محصنة الربعيّ:

أيا ظبيةَ الوعساء أنت شبيهةٌ ... لذلفاءَ إلاَّ أنَّ ذلفاءَ أجدَلُ

فعيناكِ عَيناها وجيدُكِ جِيدُها ... وشكلكِ إلاَّ أنَّها لا تعطَّلُ

حسبناكِ إيَّاها لأوَّل نظرةٍ ... فلمَّا تبيَّنَّا إذا هي أجمَلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015