وأنا أُعطي الله عهداً أن عرَّفتكم من قالها، قالوا: نرضى بذلك، فأنشدنا:

ألا ما لعينِك مطروفةً ... بذكر الخيالِ الَّذي زارَها

لذكرِ خيالٍ سرَى مَوهناً ... فهاجَ على العينِ عُوَّارَها

تجاوَزَ نحويَ هولَ النُّجودِ ... وسَهلَ البلادِ وأوعارَها

فبتُّ به جذِلاً ليلَتي ... إلى أنْ تبيَّنتُ أسحارَها

فلمَّا انتبهتُ وجدتُ الخيالَ ... أمانيَّ نفسٍ وتذكارَها

وفاضَ من العينِ مُغرورِقٌ ... من الدَّمعِ ألْثَقَ أشفارَها

لذكرِ الَّتي دونَ أبياتها ... تنائفُ تقطع مُزدارَها

وساجٍ من البحرِ مُغرورِقٌ ... يُنهنهُ دونيَ أخبارَها

نزورُ الكلام قطيعُ القيا ... مِ لم يُظلمِ الهمُّ أسهارَها

ولم تَشْتُ في صرمةٍ بالغضَا ... ولا الحزنِ تنظرُ ميَّارَها

كأنَّ سُخاميَّةً عُتِّقتْ ... ثلاثينَ حولاً وأعصارَها

لقيصَرَ لم يُغْلها طابخٌ ... ولم يُتعِبِ الوطءُ عصّارَها

فأصفَى بعقوته نفسهُ ... ولم يدعُ للبَيع تجّارَها

يُعَلُّ بها بردُ أنيابها ... إذا انْتابتِ الطَّيرُ أوكارَها

فيا ليتَها ساعفتْ بالوصو ... لِ وقتاً وحُمِّلتُ أوزارَها

وكَفِّي لها الرّهنُ أنْ لا أخونَ ... وأنْ لا أُضيِّعَ أسرارَها

متى ما أنلْ وُدّها صافيا ... فقد قضَّتِ النَّفسُ أوطارَها

وكنَّا ونحنُ لها جيرةٌ ... يطول تجنُّبُنا دارَها

حياءً على أنَّني اسْتَجَنُّ ... عليها وأغبط زُوّارَها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015