وأما قوله: " ألِكْني إليها عمرك الله " البيت وقوله: " تهادِيَ سيلٍ " البيت بعده فهو حسن في مشي النساء وقد أخذه جماعة. فممَّن جوَّد في أخذه وأبدع وزاد زيادةً بيِّنةً وأتى به مع الزيادة الكثرة باللفظ العذب والاستعارة الجيدة والتشبيه المليح ابن الرومي في قوله:

جاءت تَدافعُ في وشيٍ لها حسنٍ ... تدافُعَ الماءِ في وشيٍ من الحبَبِ

وقد ذكرنا أكثر ما قيل في مشي النساء بل نظنّ أنَّا قد استغرقنا سائر ما قيل في مواضع هذا الكتاب فلذلك لم نذكر هنا منه شيئاً.

وأما قوله: " توسِّدني كفّا وتثني بمعصم " البيت، فهو مليح في وصف العناق. على إن للمحدثين في هذا المعنى صفات جوَّدوا فيها وأحسنوا غاية الإحسان قد ذكرنا بعضها فيما تقدَّم. وممَّا لم نذكره هناك قول ابن الروميّ:

ربَّما التفَّتْ إلى الصُّبْ ... حِ لنا ساقٌ بساقِ

في نِقابٍ مِن لِثام ... ورِداءٍ من عناقِ

وقول ابن الرومي هذا أتمّ في المعنى وأحسن في اللفظ والزيادة فيه لا تُخيل لحسن الاستعارة، ومثله في الحسن له أيضاً:

وكِلانا مُرتَدٍ صاحبَهُ ... كارتداءِ السَّيف في يومِ الوغَا

نتساقَى الرِّيق ممَّا بينَنا ... زَقَّ أُمَّاتِ القطَا زُغْبَ القَطا

وممَّن جوَّد في ذكر العناق بشَّار بقوله:

فبتُّ بها لا يَخلص الماءُ بيننا ... إلى الصُّبح دوني حاجبٌ وستُورُ

وقد أخذ علي بن الجهم من بشَّار فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015