لمَّا فرغ خالد بن الوليد من قتال طليحة بن خويلد الأسديّ ومن كان معه، مضى إلى أرض بني تميم لقتال من ارتدَّ بها من العرب، فلمَّا صار بمكانٍ يقال له البطاح من أرضهم ألفَى به بني يربوع وعليهم مالك بن نويرة اليربوعيّ فقتله في جماعة من قومه، ويقال أنَّ خالداً قتل مالكاً ومن معه وهم مسلمون وذلك أنَّ أبا بكر رضي الله عنه قدم إلى خالد ومن معه من المسلمين إذا نزلوا بحيّ من أحياء العرب أمهلوهم إلى وقت الصلاة فإن رأَوهم يصلُّون وإلاَّ قاتلوهم، فيقال إنَّ أصحاب خالد وافوا بني يربوع وقت الفجر، فأذَّن مؤذّنهم وأذَّن مؤذّن الآخرين سواء فأتوا جميعاً الصلاة، إلاَّ أنَّ خالداً قتلهم أجمعين. ويقال إنَّ خالداً لمَّا أمر بضرب عنق مالك التفت وهو يُقاد إلى القتل، فنظر إلى امرأته وهي أجمل نساء العرب وهي تبكي مسفرةً عن وجهها، فقال لها: أنت والله قتلتني بهذا الجمال، لأنَّ خالداً لمَّا نظر إليك وقعتِ بقلبه فأمر بقتلي. ويقال إنَّه لما قتله أخذ رأسه فجعله أثْفِيَّةً للقِدر وجعل وجهه مما يلي النَّار، فنظرت إليه على تلك الحال امرأة من قومه فقالت: اصرفوا وجهه عن النَّار فإنَّه والله كان غضيض الطَّرف عن الجارات، حديد النَّظر في الغارات، لا يشبع ليلة يُضاف، ولا ينام ليلة يخاف. ولمَّا قتله خالدٌ تزوَّج امرأته، وكان مالك من فرسان العرب وفتيانهم، وأكثر فيه أخوه متمِّم من المراثي. ويقال إنَّه قدم المدينة بعد قتل أخيه متظلِّماً، فاستنشده المسلمون شعرَه في أخيه، فأقبل ينشدهم وهو يبكي، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: سألتك الله، يا متمِّم، هل كان أخوك على ما تصفه في شعرك؟ قال: اللهم نعم، إلاَّ أني قلت في بعض ذلك: " فتًى غيرَ مِبطان العشيَّات أروَعا " وقد كانت له بطنٌ حادرةٌ، ويقال إنَّه سئل عن أخيه وجَلده فقال: كان يركب الجمل الثَّفالَ بين المزادتين النَّضوحَين في اللَّيلة القَرَّة ويعتقل الرُّمح الخطل ويجنِّب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015