أقولُ لنفسِي في الخَلاءِ ألومُها ... لكِ الويلُ ما هذا التَّجلُّدُ والصَّبرُ
أما تفهمينَ الخُبرَ أنْ لستُ لاقِيا ... عِراراً وقد واراهُ من دونيَ القبرُ
وكنتُ أعدُّ بَينهُ بعضَ ليلةٍ ... فكيف ببينٍ دون ميعادهِ الحشرُ
وهوَّنَ وَجْدي أنَّني سوف أغتَدِي ... على إثرهِ يوماً وإنْ طالَ بِي العُمرُ
فلا يُبعِدَنْك اللهُ إمَّا تَركتنا ... حميداً وأودَى بعدك الخوفُ والبِشرُ
فتًى كانَ يُعطي السَّيفَ في الرَّوع حقَّهُ ... إذا ثوَّبَ الدَّاعِي وتشقَى به الجُزرُ
فتًى كانَ يُدنيهِ الغِنَى من صديقهِ ... إذا ما هو استغْنَى ويُبعدُهُ الفقرُ
فنِعم مُناخُ الحيّ كانَ إذا انبرتْ ... شَمالٌ وأمستْ لا يُعرِّجُها سِترُ
ومأوَى اليتامَى المُمْحِلين إذا انْتَهوا ... إلى بابهِ شُعثاً وقد قحَطَ القطرُ
وقال:
سقر اللهُ قبراً لستُ زائرَ أهلهِ ... ببِيشةَ إمَّا أدركتْهُ المَقابرُ
تضمَّن خِرقاً كالهلال ولم يكنْ ... بأوَّل خِرقٍ ضُمِّنتهُ المقابرُ
كأنِّي غداةَ اسْتَعْلَنوا بنَعيِّه ... على النَّعشِ يهفُو بين جَنبَيَّ طائرُ
هشام بن عُقبة أخو ذي الرُّمَّة:
نعَى الرَّكبُ أوفَى حينَ آبتْ رِكابُهم ... لعمري لقد جاءوا بشرٍّ فأوجَعوا
نَعَوا باسقَ الأخلاق لا يخلفونَهُ ... تكادُ الجبالُ الصمُّ منه تصدَّعُ
تعزَّيتُ عن أوفَى بغَيلانَ بعدَه ... عَزاءً وجفنُ العين مَلآن مُترعُ
ولم يُنسني أوفَى المُصيباتُ بعدَه ... ولكنَّ نَكْأَ القَرح بالقَرح أوجعُ
عجز هذا البيت من المعاني الجياد والأمثال السَّائرة وما نعرف له نظيراً فنورده.