وما يبكون مثل أخي ولكنْ ... أُعزِّي النَّفسَ عنهُ بالتَّأسِّي
وفي بيت الخنساء هذا زيادةٌ في المعنى، ومثل المعنى الأوَّل:
ومنْ يرَ بالأقوامِ يوماً يرَوْا به ... فجيعةَ يوم لا تَوارَى كواكبُهْ
وهوَّنَ وجْدِي عن خليليَ أنني ... إذا شئتُ لاقيتُ امرأً ماتَ صاحبُهْ
ومثله:
فإنْ يقسِموا مالِي بنِيَّ ونسوتي ... فلنْ يقسِمُوا خُلقي الجميلَ ولا فِعلي
ولولا الأُسَى ما عشتُ في النَّاسِ ساعةً ... ولكنْ إذا ما شئتُ قابلَني مِثلي
مثله:
وهوَّنَ وجدي عن خليليَ أنني ... متَى شئتُ لاقيتُ امرأً ماتَ صاحبُهْ
فاطمة ابنة الأحجم:
يا عينُ بكِّي بَني سعدٍ ومثلهمُ ... أبْكِي إذا أعوزَ اللَّحمُ الأياسيرُ
شُمٌّ أنوفهمُ غلبٌ رقابهمُ ... كأنَّ أوجههم حُسناً دَنانيرُ
كأنَّ عينيَ لمَّا أنْ ذكرتهمُ ... غُصنٌ يُراحُ من الطَّرفاءِ ممطورُ
ما نعرف في سرعة تحدُّر الدمع مثل هذا البيت، وقريبٌ منه بيت جِران العَود:
فبتُّ كأنَّ العين أفنانُ سِدرةٍ ... عليها سَقيطٌ من ندَى اللَّيل ينطُفُ
إلاَّ أنَّ البيت الأول أتمُّ معنًى وأكثر زيادةً من بيت جران العود هذا لأنَّه ذكر أنَّ عينه مثل الغصن الممطور إذا حرَّكته الرِّيح وهذا النّهاية في سرعة تحدُّر الدَّمع، ومن أحسن ما قيل في سرعة الدَّمع بعد هذين البيتين:
وما شَنتا خرقاءَ واهِيتا الكُلَى ... سقَى بهما ساقٍ ولمَّا تبلَّلاَ
بأضيعَ من عينَيك للدَّمْع كلَّما ... تذكَّرتَ إلفاً أو توهَّمتَ منزِلا
جوَّاس بن القعطل:
لا زالَ صوبٌ من ربيعٍ وصيّفٍ ... بهضب القليب فالتِّلاعُ به خُضرُ
يُروِّي عظاماً لم تكنْ في حياتها ... يرِنُّ بها حِنثُ اليمين ولا الغدرُ
الغطمَّش الضَّبّيّ يرثي عبيدة بن الأعور:
لعَنَ الإلهُ النَّاسَ إلاَّ مُسلماً ... والدَّهرُ بعد بعيدة بنِ الأعورِ
بعدَ امرئٍ واللهِ لم يكُ عاجزاً ... عند الحروبِ ولا ضعيفَ المَكسرِ