أهَجرٌ بعدَ هجرٍ بعد هجرٍ ... لقد أنَست بالهِجرانِ صدرِي

مثله لآخر:

سيُسليك مرُّ الدَّهر عمَّن رُزِيتَهُ ... وإنْ ذرفتْ عيناك من بعدِهِ دَما

وما أحدٌ في النَّاس يُسلبُ صبرهُ ... على أحدٍ إلاَّ أنابَ وسلَّما

آخر:

رُوّعتُ بالبينِ حتَّى ما أُراعُ له

آخر:

ورُوّعتُ حتَّى ما أُراعُ من النَّوَى

ومن جيد المراثي ونادرها لفظاً ومعنًى قول ثابت بن جابر بن سفيان الفهميّ يرثي الشَّنفرَى:

فإنْ تكُ نفسُ الشَّنفرَى حُمَّ يومُها ... وراحَ له ما كانَ منهُ يُحاذرُ

فما كانَ بِدعاً أن يصابَ فمثلُه ... أُصيبَ وحُمَّ الملتَجُون الفوادرُ

قضَى نحبَهُ مستكثراً من جميلهِ ... مُقلاًّ من الفحشاءِ والعِرضُ وافرُ

يفرِّجُ عنه غُمَّةَ الرَّوع عزمُه ... وصفراءُ مِرنانٌ وأبيضُ باترُ

وأشقرُ غيداقُ الجِراء كأنَّه ... عُقابٌ تدلَّى بين نِيقَين كاسرُ

يجُمّ جمومَ البحر طالَ عُبابُهُ ... إذا فاضَ منه أوَّلٌ جاشَ آخرُ

لئنْ ضحكتْ منك الإماءُ لقد بكتْ ... عليك فأعْوَلْن النّساء الحرائرُ

وطعنةِ خَلْسٍ قد طُعنتَ مُرِشّةٍ ... لها نفذٌ فيه تضلُّ المسابرُ

إذا كُشفتْ عنها السُّتورُ شَحا لها ... فمٌ كفم العزلاءِ فَيحانُ فاغِرُ

يظلُّ لها الآسي يميدُ كأنَّه ... نَزيفٌ هَراقتْ لُبَّه الخمرُ ساكرُ

فيكفي الَّذي يكفي الكريمُ بحَزمه ... ويصبرُ إنَّ الحرّ مثلك صابرُ

ومَرقبةٍ شمَّاءَ أقعيتَ فوقَها ... ليغنمَ غازٍ أو ليدركَ ثائرُ

وأمْر كسدِّ المنخِرَين اعتليتَهُ ... فنفَّستَ منه والمنايا حواضرُ

فلو نبَّأتْني الطَّيرُ أو كنتُ شاهداً ... لآساكَ في البلوَى أخٌ لك ناصرُ

وخفَّضَ جأشِي أنَّ كلَّ ابْن حُرَّةٍ ... إلى حيثُ صرتَ لا محالةَ صائرُ

وإنَّ سوامَ الموت تَجري خِلالنا ... روائحُ من أحداثه وبواكرُ

أمَّا قوله: " وخفَّض جأشِي " البيت، فمثل قول الخنساء:

ولولا كثرةُ الباكين حَولي ... على إخوانهم لقتلتُ نَفسي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015