به رفقةٌ من قطاً واردٍ ... وأُخرى صوادرُ عنه رِوَا
فملأنَ أسقيةً لم تُشدّ ... بخرزٍ وقد شُدَّ منها العُرا
فأقعصَ منهنَّ كُدريَّةً ... ومزَّقَ حَيزومها والحشَى
فطارَ وغادرَ أشلاءها ... تطيرُ الجنوبُ بها والصَّبا
يَخَلْن حفيفَ جَناحيه إذ ... تدلَّى من الجوِّ برقاً بدَا
فولَّين مجتهداتِ النَّجا ... جَوافِل في طامسات الصُّوَى
ومن جيّد ما ذُكر به الحَمام، وإن لم يكن فيه ذكر القطا، قول حميد ابن ثور:
وما هاجَ هذا الشَّوقَ إلاَّ حمامةٌ ... دعتْ بقلوبٍ في حمَامٍ ترنُّما
من الوُرق حمَّاءُ العِلاطَين باكرتْ ... عَسيبَ أشاءٍ مطلعَ الشَّمس أسحَمَا
إذا زعْزعتْهُ الرِّيح أو لعبتْ به ... أرنَّت عليه مائلاً أو مُقوَّما
تُنادي حمامَ الجَلْهَتَيْنِ وترعَوِي ... إلى ابنِ ثلاثٍ بين عُودين أقْتَما
مُطوَّق طوقٍ لم يكنْ عن جَعِيلةٍ ... ولا ضربِ صَوَّاغ بكفَّيه دِرهما
بنَتْ بيتَهُ الخرقاءُ وهْيَ رفيقةٌ ... له بين أعوادٍ بعَلياءَ سُلَّما
كأنَّ على أشداقهِ نَوْرَ حنوةٍ ... إذا هو مدَّ الجِيدَ منهُ ليطْعَما
فلمَّا اكْتَسَى الرِّيشَ السُّخامَ ولم تجدْ ... لها معه في ساحةِ العُشِّ مجثمَا
أُتيحَ لها صقرٌ مُنيفٌ فلم يدعْ ... لها ولداً إلاَّ رِماماً وأعظُما
فأوْفتْ على غصنٍ ضُحَيّاً فلم تدعْ ... لباكيةٍ في شجوِها مُتلوَّما
عجبتُ لها أنَّى يكونُ غِناؤها ... فصيحاً ولم تفتحْ بمنطقِها فَما
ولمْ أرَ محزوناً له مثلُ شجوِها ... ولا عَرَبيّاً شاقهُ صوتُ أعجَمَا
أما قوله: " مطوّق طوق " البيت، فمثل قول مجاشع الجرميّ:
صدوحُ الضُّحَى معروفةُ اللَّحن لم تزلْ ... تقودُ الهوَى من شَجوها ويقودُها
جزوعٌ جمودُ العَين دائمة البُكا ... وكيف بُكا ذي عبرةٍ وجمودُها
مطوَّقةٌ لم يضربِ القَينُ فِضَّةً ... عليها ولم يعطلْ من الطَّوق جِيدُها