لا يجوز نزعه منهما فلا يجبر أحد من أب ولا سواه، على أن يتزوج من لا يريد، ولا على ترك من اختار على الوجه الصحيح، روى ابن عباس - رضي الله عنه - قال: إن زوج بريرة كان عبدا، يقال له مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي، ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للعباس:
28 - (يا عباس، ألا تعجب من شدة حب مغيث بريرة، ومن شدة بغض بريرة مغيثا؟ ! ، فقال لها: لو راجعتيه فإنه أبو ولدك، فقالت: يا رسول الله أتأمرني؟ قال: إنما أنا شافع، قالت: لا حاجة لي فيه) (?) فأمضى لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أرادت من ترك زوجها بعد أن أعتقتها عائشة رضي الله عنها، ولم يجبرها على البقاء، مع استعطافه - صلى الله عليه وسلم - إياها، وشفاعته في أن تبقى رحمة بالزوج والولد، وقولها: أتأمرني؟ يفهم منه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو قال: نعم آمرك، لأطاعت دون تردد عملا بقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} (?) فلما لم يقل ذلك عرفت أنها مخيرة وأن من حقها الرفض، وليس هذا على الإطلاق في حق الفتى والفتاة، بل يجوز التدخل من قبل الولي بالمنع إذا كان القدح بأمر شرعي، فإذا ضل عنه الفتى أو الفتاة وجب على الولي الأخذ على أيديهما، ومنعهما من العبث بشرع الله تعالى، أما إذا كان التعلل بالطبقية مثلا: أغنياء وفقراء، قبيلة وأخرى، عربي وعجمي، ونحو ذلك من ضلالات