من عهد التابعين إلى يومنا هذا على قبول مرويات أبي بكرة - رضي الله عنه -، ولم يتفوه أحد بكلمة سوى هذا المبتلى اليوم، وكان والله يسعه ما وسع الأئمة طيلة ما مضى من القرون، لكنها فتنة أصيب بها في فكره إذ خرج بهذا الرأي الباطل، مفارقا به علماء الأمة، وفي دينه إذ تولى كبر الطن في أبي بكرة - رضي الله عنه - أحد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مخالفا بذلك أصحاب رسول الله ومن بعدهم من أصحاب القرون المفضلة، ومن بعدهم من أئمة الهدى والدين إلى يومنا هذا، فرماه بالفسق والكذب وهذا في حد ذاته ذنب عظيم، وقد أجمع العلماء أن أبا بكرة - رضي الله عنه - لم يكن قاذفا، وإنما كان شاهدا، وأقيم عليه الحد على سبيل عدم كمال النصاب في الشهادة، وقد كانوا أربعة لكن تردد أحدهم في الشهادة، فاعتبر عمر ذلك خللا في الشهادة فجلد الثلاثة ومنهم أبو بكرة - رضي الله عنه -، وكان حقه أن تقبل روايته وترد شهادته على قول، والقول الثاني: تقبل روايته وشهادة، وقد درج الأئمة على قبول روايته إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة إن شاء الله، والبلية الثانية طعنه في الإمام البخاري الذي لم تعرف الدنيا مثله من عصره إلى يومنا هذا، وقد عرف الناس البخاري ولا مقارنة بين الرجلين أصلا، مردفا بالطعن في كتابه الصحيح، الموصوف من الأئمة بأنه أصح الكتب بعد كتاب الله - عز وجل -، إذ قال: "فينبغي أن يضم هذا الحديث إلى الأحاديث الموضوعة المكذوبة على النبي - صلى الله عليه وسلم - " هكذا موضوع؟ ! ! والعلماء عجزوا عن إيجاد حديث واحد ضعيف في البخاري لا تقوم به حجة، وقد حاول أئمة أكبر من عالمنا هذا مئات المرات ولم يقل أحد منهم هذه المقالة؛ لأنهم كانوا يبحثون عن حق يقولونه، وقد جهّل علماء الأمة بفهمه السقيم فما مثله إلا كما قال الشاعر محمد بن أحمد بن عبيد الله الكاتب:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015