لها النسيان، ليست كالرجل وهذا خبر قاطع لأنه من الخالق سبحانه وهو العليم بمن خلق، قال تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (?) والمراد بالضلال سببه وهو النسيان لأن من ينسى يضل عن الحق وقد ينكره، والرجل أضبط من المرأة فيما لا تمارسه المرأة ولا تتعرض له إلا نادرا، من سائر الأحوال، فكانت شهادتها أخف ضبطا من شهادة الرجل فعززت بأخرى، والمرأة أضبط من الرجل فيما تمارسه وتتعرض له من أمور النساء، فتكفي شهادة الواحدة، ووجود امرأتين في الشهادة يقلل الوقوع في النسيان إلى حد كبير، وليس هذا نفيا لنسيان الرجل ولكنه نادر في الرجال، وليس استشهادها واردا في كل شيء، إنما هو في الأموال دون غيرها، لأن الأموال كثّر الله أسباب توثيقها لكثرة جهات تحصيلها، وعموم البلوى بها وتكررها، فجعل فيها التوثق تارة بالكتابة، وتارة بالإشهاد، وتارة بالرهن، وتارة بالضمان، وأدخل في جميع ذلك شهادة النساء مع الرجال، ولا يتوهم عاقل أن قوله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} (?) يشتمل على دين المهر مع البضع، وعلى الصلح على دم العمد، فإن تلك الشهادة ليست شهادة على الدين، بل هي شهادة على النكاح، وأجاز العلماء شهادتهنّ منفردات فيما لا يطلع عليه غيرهنّ للضرورة، وعلى مثل ذلك أجيزت شهادة الصبيان في الجراح فيما بينهم للضرورة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015