القرن الثامن الهجري في وجه التصوف والصوفية إذ حمله ابن تيمية تبعة كثير من مظاهر الفساد في الأفكار والابتداع في السلوك.
ولئن كان الحوار بين ابن تيمية وخصومه ساخنا وحادا ولاذعا باعتبار أن ابن تيمية كان يمثل الهجوم الذي يعني ببيان الحق ويميزه عن الباطل, ومع ذلك فلم يمنع خصومه من أن يوافقوه على هجماته على الصوفية في عصره.
ومن يدمن مطالعة مؤلفات ابن تيمية يمكن أن يدرك بسهولة أنه كان يميل إلى الزهاد الأوائل, ويمدح شيوخ التصوف المشروع, وفي الوقت نفسه كان ينعي على ابن عربي وأتباعه, ويربط بين الإشراقية والصابئة.
لقد رمي شيخ الإسلام ابن تيمية بالغلظة وتحجر القلب من جانب الصوفية ...
والحق أنه لم يكن غليظ القلب ولا متحجرا, ولكن طبيعة الحوار الساخن الذي دار بينه وبين خصومه وهو يدعو إلى وحدة الفكر والسلوك تحت لواء السلفية قد غطى على كثير من جوانب الرقة والروحية في شخصيته بل إنه كان يفيض رقة حين كان يأوي إلى المساجد المهجورة يناجي ربه أن يفتح عليه مغاليق الفكر في مسألة قائلا: "يا معلم إبراهيم علمني".
والحق أن ابن تيمية ركز هجومه على المدارس التي ظهر فيها إيهام الحلول والاتحاد كمدرسة ابن عربي, وابن سبعين, وابن الفارض, والحلاج.
وقد تتبع ابن تيمية الأفكار التي أثرت في الحلاج من معاصريه أو من قريبي العهد من عصره كابن بسكويه "369هـ" والحافظ البغدادي "463هـ".
وأثبت باطنية الحلاج وادعاءاته الباطلة مثل فتوى إبليس, وبما جرى على لسانه من قوله: "أنا الحق" وهاجم اعتذار الصوفية عن الحلاج, وكشف أن الحلاج حاول خداعهم بمثل قوله: عليك بنفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك