شكل 8 - 2: قسم من أسوار القدس (من صورة فوتوغرافية التقطها المؤلف).
وكلما اقتربت تلك العصابات من هدفها المأمول زادت جنوناً، ودارت المعجزات والكرامات في أدمغتها المشتعلة التي طارت منها العقول إلى الأبد.
وكان بطرس الناسك والفارس الفقير غوتيه على رأس أهم العصابات الزاحفة إلى الشرق، وأكرمت هذه العصابات في البلدان الأوربية التي كانت تمر منها في بدء الأمر، ولكنها لم تكد تصل إلى بلغارية حتى التقت بأناس من ضعاف الإيمان أبوا أن يضيفوهم مجاناً، وساء هذا الرفض الصليبيين، ولم يحجموا عن اغتصاب ما منعوه، وعن نهب قرى تلك البلاد وذبح أهليها، ولم يصبر الأهلون على ذلك فأخذوا ينتقمون ويقتلون فريقاً كبيراً منهم أو يغرقونه، وجد الصليبيون في طلب النجاة بسرعة، وبلغوا القسطنطينية ناقصي العدد، ووجدوا فيها عصابات من التوتون والطلاينة والغسكون والغول والبروفنسيين كانت قد سبقتهم إليها، وهنالك انضم هؤلاء إلى أولئك، وأخذوا يقتلون وينهبون، ويأتون ما يفوق الوصف من الأعمال الوحشية، ويعزم البيزنطيون على التخلص منهم، وينقلونهم بالسفن إلى ما وراء البسفور.
وبلغ عدد من سيق من الصليبيين إلى آسية الصغرى على ذلك الوجه مائة ألف، واقترف هؤلاء من الجرائم نحو المسلمين والنصارى ما لا يصدر عن غير المجانين من الأعمال الوحشية، وكان من أحب ضروب اللهو إليهم قتل من يلاقون من الأطفال وتقطيعهم إرباً إرباً وشيهم كما روت آن كومنين بنت قيصر الروم.