ولما قُتل تغلب على الديار المصرية غلام أرمني من غلمانه، فاستحوذ على الأمور ثلاثة أيام ورام أن يتأمر، فحضر الوزير أبو علي أحمد بن الأفضل بدر الجمالي، فأقام الخليفة الحافظ لدين الله أبا الميمون عبد المجيد بن الأمير أبي القاسم بن المستنصر بالله، واستحوذ على الأمور دونه، وحصره في مجلس لا يدخل إليه أحد إلا مَنْ يريده، وخطب لنفسه على المنابر، ونقل الأموال من القصر إلى داره، ولم يبق للحافظ سوى الاسم فقط، فلم يزل كذلك حتى قتل الوزير، فعظم أمر الحافظ من حينئذ، وجدد له ألقاب لم يسبق إليها، وخُطب له بها على المنابر، فكان يقول: أصلح الله من شيدت به الدين بعد دثوره، وأعززت به الإسلام بأن جعلته سببا لظهوره، مولانا وسيدنا إمام العصر والزمان أبا الميمون عبد المجيد الحافظ لدين الله!

قال ابن خلكان: وكان الحافظ كثير المرض بعلة القولنج، فعمل له سرماه (?) الديلمي طبل القولنج ركبة من المعادن السبعة "والكواكب السبعة" (?) في أشرافها كل واحد منها في وقته، فكان من خاصته أنه إذا ضرب به أحد خرج الريح من مخرجه، فكان هذا الطبل في خزائنهم إلى أن ملك السلطان صلاح الدين بن أيوب أخذ الطبل المذكور كردي ولا يدري ما هو! فضرب به فضرط فخجل، فألقى الطبل من يده فانكسر (?) .

واستمر الحافظ على الولاية إلى أن مات في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وخمسمائة.

وولي بعده ولده الظافر أبو المنصور إسماعيل، فأقام إلى أن قُتل في المحرم سنة تسع وأربعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015