حسم مواد الفساد يرجح لا يخف، فأوصاني أن أجعله لي كما كان له صيفا وظهيرا، وأن لا أستر عنه في الأمور صغيرا ولا كبيرا، وأن أقتدي به في رد الأحوال إلى تكلفه، وإسناد الأسباب إلى تدبيره والناهض بياهظ الخطب ومنتقله، إلى غير ذلك مما استودعني إياه، وألقاه إلي من النص الذي يتضوع نشره ورياه، نعمة من الله قضت لي بالسعد العميم، ومنة شهدت بالفضل المتين والحظ الجسيم، والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم. فتعزوا معاشر الأولياء والأمراء والقواد والأجناد والرعايا والخدام، حاضركم وغائبكم، ودانيكم وقاصيكم، عن الإمام المنقول إلى جنات الخلود، واستبشروا بإمامكم هذا الإمام الحاضر الموجود؛ وابتهجوا بكريم نظره المطلع لكم كواكب السعود. ولكم من أمير المؤمنين ألا يغمض جفنا عن مصابكم، وأن يتوخى ما عاد بميامنكم ومناجحكم، وأن يحسن السيرة فيكم، ويرفع أذى من يعاديكم، ويتفقد مصلحة حاضركم وباديكم، ولأمير المؤمنين عليكم أن تعتقدوا موالاته بخالص الطوية، وتجمعوا له في الطاعة بين العمل والنية، وتدخلوا في البيعة بصدور منشرحة، وآمال منفسخة، وضمائر يقينية، وبصائر في الولاء قوية، وأن تقوموا بشروط بيعته، وتنهضوا بفروض نعمته،
وتبذلوا الطارف والتالد في حقوق خدمته، وتتقربوا إلى الله سبحانه بالمناصحة لدولته. وأمير المؤمنين يسأله الله أن تكون خلافته كافلة بالإقبال، ضامنة ببلوغ الأماني والآمال، وأن يجعل ديمها (?) دائمة بالخيرات، وقسمتها نامية على الأوقات إن شاء الله تعالى.
وأقام الآمر بأحكام الله خليفة إلى أن قُتل في ذي الحجة سنة أربع وعشرين وخمسمائة، عدي إلى الروضة في فئة قليلة، فخرج عليه منها قوم بالسيوف فأثخنوه. وكان سيئ السيرة.