وولي بعده ولده الفائز بنصر الله أبو القاسم عيسى، وهو صبي صغير ابن خمس سنين؛ فإن مولده في المحرم سنة أربع وأربعين، فأقام إلى أن توفي في صفر سنة خمس وخمسين؛ وعمره يومئذ إحدى عشرة سنة، وكان مدبر دولته أبو الغارات طلائع ابن رُزِّيك.
وولي بعده العاضد لدين الله أبو محمد عبد الله بن يوسف بن الحافظ، وهو آخر العبيديين. ومات في عاشوراء سنة سبع وستين، وزالت دولتهم على يد السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب؛ رحمه الله تعالى.
قال ابن كثير: ومن الغريب أن العاضد في اللغة القاطع، ومنه الحديث: "لا يُعضَد شجرها"، فبالعاضد قُطعت دولة بني عبيد.
وقال ابن خلكان: سمعت جماعة من المصريين يقولون: إن هؤلاء القوم أوائل دولتهم قالوا لبعض العلماء: اكتب لنا ألقابا في ورقة؛ تصلح للخلفاء؛ حتى إذا تولى واحد لقبوه ببعض تلك الألقاب، فكتب لهم ألقابا، وآخر ما كتب في الورقة "العاضد". فاتفق أن آخر من ولي منهم العاضد. ولم يكن للمستنصر ومَنْ بعده من الخلافة سوى الاسم فقط؛ لاستيلاء وزرائهم على الأمور وحجرهم عليهم، وتلقبهم بألقاب الملوك؛ فكانوا معهم كخلفاء عصرنا مع ملوكهم، وكخلفاء بغداد مع بني بويه، وأشباههم.
ومن قصيدة ابن فضل الله التي سماها: حسن الوفاء لمشاهير الخلفاء:
والخلفاء من بني فاطمة ... إلى عبيد الله در فاخر
أبناء إسماعيل في نجل جعفر ... الصادق في القول أبوه الباتر
بالغرب مهدي تلاه قائم ... والثالث المنصور وهو الآخر
ثم المعز قائد الجيش الذي ... سار إلى مصر، ونعم السائر