3- أما عن فهم الدعوة وأسلوب عرضها وفقه دقائقها فإن الرسالة الشخصية التي بعث بها الإمام إلى إخوانه في سدير على أثر ما جرى بين أهل حوطة سدير تمثل نموذجا صالحا للتدليل على فقه الرجل وحكمته واختياره لكل مرحلة من مراحل العمل وكل موقف من المواقف ما يناسبه ولذا نورد نصها فيما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الوهاب إلى من يصل إليه هذا الكتاب من الإخوان.
سلام عليكم وحمة الله وبركاته.
وبعد فيجري عندكم أمور تجري عندنا من سابق وننصح إخواننا إذا جرى منها شيء حتى فهموها , وسببها أن تعض أهل الدين ينكر منكرا وهو مصيب لكن يخطئ في تغليظ الأمر إلى شيء يوجب الفرقة بين الأخوان، وقد قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} وقال صلى الله عليه وسلم:"إن الله يرضى لكم ثلاثا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم" وأهل العلم يقولون الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يحتاج إلى ثلاث أن يعرف ما يأمر به وينهى عنه ويكون رفيقا فيما يأمر به وينهى عنه صابرا على ما جاء من الأذى وأنتم محتاجون للحرص على فهم هذا والعمل به فإن الخلل إنما يدخل على صاحب الدين من قلة العمل بهذا أو قلة فهمه، وأيضا يذكر العلماء أن إنكار المنكر إذا صار يحصل بسببه افتراق لم يجز إنكاره فالله الله في العمل بما ذكرت لكم والتفقه فيه فإنكم إن لم تفعلوا صار إنكاركم مضرة على الدين، والمسلم ما يسعى إلا في صلاح دينه ودنياه، وسبب هذه المقالة التي وقعت بين أهل الحوطة لو صار أهل الدين واجبا عليهم إنكار المنكر فلما غلطوا الكلام صار فيه اختلاف بين أهل الدين فصار فيه مضرة على الدين والدنيا، وهذا الكلام وإن كان قصيرا فمعناه طويل فلازم تأملوه وتفقهوا فيه واعملوا به فإن عملتم به صار نصرا للدين واستقام الأمر إن شاء الله والجامع لهذا كله أنه إذا صدر المنكر من أمير أو غيره أن ينصح برفق ما يشترف أحد فإن وافق وإلا استلحق عليه رجلا يقبل منه بخفية، فإن لم يفعل فيمكن الإنكار ظاهرا إلا إن كان على أمير ونصحه ولا وافق