من خلل في أمور الدين كان عن طريق البادية أثناء إقامتهم على موارد المياه في أيام الصيف وأن بعض الناس في نجد ظلوا على الحق منكرين لمظاهر الشرك، منهم العلماء ممن ذكرنا ومن لم نذكر. وأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب إنما نشأ في بيئة علم وهو نبتة من غراسها وما كان لها أن تثمر هذا المصلح لو كان الظلام فيها حالكا والجهل فيها عاما والانحراف شاملا ولكن الواقع أن الحق والخير موجودان وأن الشر منتشر وأن الصراع بينهما قائم في المنطقة وأن الشركان أظهر.
ومما يدل على التفريق بين ما عليه بادية نجد وحاضرتها قول المؤرخ ابن بشر رحمه الله تعالى بعد أن ذكر وقوع الشرك الأكبر والأصغر "والسبب الذي أحدث ذلك في نجد – والله أعلم – أن الأعراب إذا نزلوا في البلدان وقت الثمار صار معهم رجال ونساء يتطببون ويداوون فإذا كان في أحد من أهل البلد مرض أو في بعض أعضائه أوتي أهله إلى متطببه ذلك القطين من البادية فيسألونهم عن دواء علته فيقول لهم اذبحوا له في الموضع الفلاني كذا وكذا، إما خروفا بهيما أسود وإما تيسا أصمع وذلك ليحققوا معرفتهم عند هؤلاء الجهلة ثم يقولون لا تسموا الله على ذبحه وأعطوا المريض منه كذا وكذا وكلوا منه كذا وكذا واتركوا كذا وكذا، فربما يشفي الله مريضهم فتنة لهم واستدراجا وربما يوفق وقت الشفاء حتى كثر ذلك في الناس طال عليهم الأمد فوقعوا بهذا السبب في عظائم وليس للناس من ينهاهم عن ذلك"01
كما أن كلام عالم نجد الفاضل الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف الشمري من أهل المجمعة وإمام الدعوة الإصلاحية في نجد حينما أقام عنده الشيخ في المدينة وأخذ عنه فقال: "تريد أن نريك سلاحا أعددته للمجمعة قلت نعم فأدخلني منزلا عنده فيه كتب كثيرة وقال هدا الذي أعددنا لها"2، فهذا النص يدل على أن هذا العالم على علم بما يجري في المجمعة قاعدة إقليم سدير من نجد وأنه سبق أن حصل له مع المنحرفين فيها مناوشات وأخذ وعطاء في مسائل العقيدة وأنه إنما جاء للمدينة